إن شاء الله تعالى بمصابيح سيوفه سواد خطوب الشّرك المدلهمّة، وتغدو سراياه في اقتلاع قلاع الكفر مستهمة؛ وترهبهم خيل بعوثه وخيالها في اليقظة والمنام، ويدخل في أيامه أهل الإسلام «مدينة السلام» بسلام- تفويضا تامّا عامّا، منضّدا منظّما محكّما محكما؛ أقامه مولانا أمير المؤمنين في ذلك مقام نفسه الشريفة، واستشهد الكرام الكاتبين في ثبوت هذه البيعة المنيفة.
فليتقلّد المقام الشريف العالي السلطاني- أعز الله نصره- عقد هذا العهد الذي لا تطمح لمثله الآمال، وليستمسك منه بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ولا انفصال؛ فقد عوّل أمير المؤمنين على يمن آرائك التي ما برحت الأمّة بها في المعضلات تستشفي، واستكفى بكفايتك وكفالتك في حياطة الملك فأضحى وهو بذلك المستكفي؛ وهو يقصّ عليك من أنباء الوصايا أحسن القصص، وينصّ لديك ما أنت آخذ منه بالعزائم إذا أخذ غيرك فيه بالرّخص؛ فإن نبّهت على التقوى فطالما تمسّكت منها بأوثق عروة؛ وإن هديت إلى سبيل الرشاد فما زلت ترقى منه أشرف ذروة؛ وإن استرهفنا عزمك الماضي الغرار، واستدعينا حزمك الذي أضاء به دهرك واستنار، في إقامة منار الشرع الشريف، والوقوف عند نهيه وأمره في كل حكم وتصريف، فما زلت- خلّد الله سلطانك- قائما بسنّته وفرضه، دائبا في رضا الله تعالى بإصلاح عقائد عباده في أرضه؛ وما برح سيفك المظفّر للأحكام الشرعيّة خادما، ولموادّ الباطل حاسما، ولأنوف ذوي البدع راغما؛ فكلّ ما نوصيك به من خير قد جبلت عليه طباعك، ولم يزل مشتدّا فيه ساعدك ممتدّا إليه باعك؛ غير أنّا نورد لمعة اقتضاها أمر الله تعالى في الاقتداء بالتّذكرة في كتابه المبين، وأوجبها نصّ قوله تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ
«١» . ويندرج تحت أصولها فروع يستغني بدقيق ذهنه الشريف عن نصّها، وبفكره الثاقب عن قصّها؛ فأعظمها للملّة نفعا، وأكثرها للباطل دفعا، الشرع الشريف: فليكن- أعز الله نصره- عاملا على تشييد قواعد إحكامه، وتنفيذ أوامر أحكامه؛ فالسعيد من قرن أمره بأمره،