ورضي فيه بحلو الحق ومرّه. والعدل فلينشر لواءه حتّى يأوي إليه الخائف، وينكفّ بردعه حيف كلّ حائف، ويتساوى في ظلّه الغنيّ والفقير، والمأمور والأمير؛ ويمسي الظّلم في أيّامك وقد خمدت ناره، وعفت آثاره.
وأهمّ ما احتفلت به العزائم، واشتملت عليه همم الملوك العظائم، وأشرعت له الأسنّة وأرهفت من أجله الصوارم؛ أمر الجهاد الذي جعله الله تعالى حصنا للإسلام وجنّة، واشترى فيه أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة؛ فجنّد له الجنود واجمع له الكتائب، واقض في مواقفه على الأعداء من بأسك بالقواضي «١» القواضب؛ واغزهم في عقر الدار، وأرهف سيفك البتّار: لتأخذ منهم للمسلمين بالثّار. والثّغور والحصون، فهي سرّ الملك المصون، وهي معاقل النفوس إذا دارت رحى الحرب الزّبون «٢» ؛ فليقلّد أمرها لكفاتها، ويخصّ حمايتها بحماتها، ويضاعف لمن بها أسباب قوّتها ومادّة أقواتها. وأمراء الإسلام وجنود الإيمان فهم أولياء نصرك، وحفظة شامك ومصرك؛ وحزبك الغالب، وفريقك الذين تفرق منهم قلوب العدا في المشارق والمغارب؛ فليكن المقام العالي السلطانيّ- أعزه الله تعالى- لأحوالهم متفقّدا، وببسط وجهه لهم متودّدا، حتّى تتأكد لمقامه العالي طاعتهم، وتتجدّد لسلطانه العزيز ضراعتهم. وأما غير ذلك من المصالح، فما برح تدبيره الجميل لها ينفّذ ورأيه الأصيل بها يشير، فلا يحتاج مع علمه بغوامضها إلى إيضاحها وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ
«٣» . والله تعالى يخصّ دولته من العدل والإحسان بأوفر نصيب، ويمنح سلطانه ما يرجوه من النصر المعجّل والفتح القريب؛ إن شاء الله تعالى.