غير نوره مطلعه، وآتاه ما لم يؤت أحدا، وأمات به غيّا وأحيا رشدا، وأقامه للدّين عاضدا فأصبح به معتضدا، وحفظ به مقام جدّه وإن رغم المستكبرون، وأنعم به على أمّته أمانا لولاه ما كانوا ينظرون ولا يبصرون، وما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
«١» .
يحمده أمير المؤمنين على ما آتاه من توفيق يذلّل له الصّعب الجامح، ويدني منه البعيد النّازح، ويخلف على الدّين من صلاحه الخلف الصالح، ويلزم آراءه جدد السّعود الواضح، ويريه آيات الإرشاد فإنّه نازح «٢» قدح القادح، ويسأله أن يصلّي على جدّه محمد الذي أنجى أهل الإيمان ببعثه، وطهّر بهديه من رجس الكفر وخبثه، وأجار باتّباعه من عنت الشيطان وعبثه، وأوضح جادّة التوحيد لكلّ مشرك الاعتقاد مثلّثه، وعلى أبينا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب الذي جادلت يده بلسان ذي الفقار، وقسّم ولاؤه وعداوته بين الأتقياء والأشقياء الجنّة والنار؛ وعلى الأئمة من ذرّيتهما الذي أذلّ الله بعزّتهم أهل الإلحاد، وأصفى بما سفكوه من دمائهم موارد الرشاد، وجرت أيديهم وألسنتهم بأقوات القلوب وأرزاق العباد، وسلّم ومجّد، ووالى وجدّد.
وإن الله سبحانه ما أخلى قطّ دولة أمير المؤمنين التي هي مهبط الهدى ومحطّ النّدى، ومورد الحياة للولّي والرّدى للعدا، من لطف يتلافى الحادثة ويشعبها ويرأبها، ونعمة تبلغ بها النفوس أربها؛ وموهبة تشدّ موضع الكلم، وتسدّ موضع الثّلم، وتجلّي غمائم الغمم، وتحلّي مغانم النّعم، وتستوفي شرائط المناجح، وتستدني فوارط المصالح؛ ولم يكن ينسى الحادثة في السيد الأجلّ الملك المنصور «٣» رضي الله عنه وأرضاه، وجعل الجنة متقلّبه ومثواه، التي كادت لها