للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أواخي «١» الملك تتزعزع، ومباني التدبير تتضعضع؛ إلّا ما نظر فيه أمير المؤمنين بنور الله من اصطفائك أيّها السيد الأجل الملك الناصر:- أدام الله قدرتك- لأن تقوم بخدمته بعده، وتسدّ في تقدمة جيوشه مسدّه، وتقفو في ولائه أثره، ولا تفقد منه إلا أثره؛ فوازت الفادحة فيه النعمة فيك، حتّى تستوفي حظّه من أمير المؤمنين بأجر لا يضيع الله فيه عمله، فاستوجب مقعد صدق بما اعتقده من تأدية الأمانة له وحمله، واستحقّ أن ينضرّ الله وجهه بما أخلقه الله من جسمه في مواقف الجهاد وبدّله؛ ومضى في ذمام رضا أمير المؤمنين: وهو الذّمام الذي لا يقطع الله منه ما أمره أن يصله، وأتبع من دعائه بتحف أوّل ما تلقاه بالرّوح «٢» والرّيحان، وذخرت له من شفاعته ما عليه معوّل أهل الإيمان في الأمان؛ فرعى الله له قطعه البيداء إلى أمير المؤمنين وتجشّمه الأسفار، ووطأه المواطيء التي تغيظ الكفّار، وطلوعه على أبواب أمير المؤمنين طلوع أنوار النهار، وهجرته التي جمعت له أجرين: أجر المهاجرين وأجر الأنصار، وشكر له ذلك المسعى الذي بلغ من الشّرك الثار، وبلّغ الإسلام الإيثار. وما لقي ربّه حتّى تعرّض للشّهادة بين مختلف الصّفاح، ومشتجر الرّماح، ومفترق الأجسام من الأرواح؛ وكانت مشاهدته لأمير المؤمنين أجرا فوق الشّهادة، ومنّة لله تعالى عليه له بها ما للّذين أحسنوا الحسنى وزيادة؛ وحتى رآك أيّها السيد الأجلّ الملك الناصر- أدام الله قدرتك- قد أقررت ناظره، وأرغمت مناظره، وشددت سلطانه، وسددت مكانه؛ ورمى بك فأصاب، وسقى بك فصاب «٣» ، وجمعت ما فيه من أبّهة المشيب إلى ما فيك من مضاء الشّباب، ولقنت ما أفادته التّجارب جملة، وأعانتك المحاسن التي هي فيك جلّة، وقلّب عليك إسناد الفتكات فتقلّبت، وأوضح لك منهاج البركات فتقبّلت، وسدّدك سهما، وجرّدك شهما، وانتضاك فارتضاك غربا «٤» ، وآثرك على آثر ولده إمامة في

<<  <  ج: ص:  >  >>