وبها تلقح عقم الأفهام والألباب، ويقتدح زناد الرّشد والصواب؛ قال الله تعالى في الإرشاد إلى فضلها، والأمر في التمسك بحبلها: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ
«١» .
وأمره بمراعاة أحوال الجند والعسكر في ثغوره، وأن يشملهم بحسن نظره وجميل تدبيره، مستصلحا نيّاتهم بإدامة التلطّف والتعهّد، مستوضحا أحوالهم بمواصلة التفحّص والتفقّد، وأن يسوسهم سياسة تبعثهم على سلوك المنهج السليم، ويهديهم في انتظامها واتّساقها إلى الصّراط المستقيم، ويحملهم على القيام بشرائط الخدم، والتمسّك منها «٢» بأقوى الأسباب وأمتن العصم، ويدعوهم إلى مصلحة التواصل والائتلاف، ويصدّهم عن موجبات التخاذل والاختلاف، وأن يعتمد فيهم شرائط الحزم في الإعطاء والمنع، وما تقتضيه مصلحة أحوالهم من أساب الخفض والرّفع، وأن يثيب المحسن على إحسانه، ويسبل على المسيء ما وسعه العفو واحتمله الأمر ذيل صفحه وامتنانه، وأن يأخذ برأي ذوي التّجارب منهم والحنكة «٣» ، ويجتني بمشاورتهم في الأمر ثمر الشّركة، إذ في ذلك أمن من خطإ الانفراد، وتزحزح عن مقام الزّيغ والاستبداد.
وأمره بالتبتّل لما يليه من البلاد، ويتّصل بنواحيه من ثغور أولي الشّرك والعناد، وأن يصرف مجامع الالتفات «٤» إليها، ويخصّها بوفور الاهتمام بها والتطلّع عليها، وأن يشمل ما ببلاده من الحصون والمعاقل بالإحكام والإتقان، وينتهي في أسباب مصالحها إلى غاية الوسع ونهاية الإمكان، وأن يشحنها بالميرة الكثيرة والذّخائر، ويمدّها من الأسلحة والآلات بالعدد المستصلح الوافر، وأن يتخيّر لحراستها [من يختاره]«٥» من الأمناء التّقاة، ولسدّها من «٦»