للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينتخبه من الشّجعان الكماة؛ وأن يؤكّد عليهم في استعمال أسباب الحفظة والاستظهار «١» ، ويوقظهم للاحتراس من غوائل الغفلة والاغترار، وأن يكون المشار إليهم ممن ربوا في ممارسة الحروب على مكافحة الشدائد، وتدرّبوا «٢» في نصب الحبائل للمشركين والأخذ عليهم بالمراصد، وأن يعتمد هذا القبيل بمواصلة المدد، وكثرة العدد؛ والتّوسعة في النفقة والعطاء، والعمل معهم بما يقتضيه حالهم وتفاوتهم في التقصير والغناء، إذ في ذلك حسم لمادّة الأطماع في بلاد الإسلام، وردّ لكيد المعاندين من عبدة الأصنام؛ فمعلوم أنّ هذا الغرض أولى ما وجّهت إليه العنايات وصرفت، وأحقّ ما قصرت عليه الهمم ووقفت؛ فإن الله تعالى جعله من أهمّ الفروض التي كرّم فيها القيام بحقه، وأكبر الواجبات التي كتب العمل بها على خلقه، فقال سبحانه وتعالى هاديا في ذلك إلى سبيل الرشاد، ومحرّضا لعباده على قيامهم بفروض الجهاد: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ

«٣» . وقال تعالى: وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ*

«٤» . وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلا يخيف فيه المشركين ويخيفونه، كان له كأجر ساجد لا يرفع رأسه إلى يوم القيامة، وأجر قائم لا يقعد إلى يوم القيامة، وأجر صائم لا يفطر» . وقال عليه السلام: «غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس» . هذا قوله صلى الله عليه وسلم في حقّ من سمع هذه المقالة فوقف لديها، فكيف بمن كان كما قال عليه السلام: «ألا أخبركم بخير الناس: ممسك بعنان فرسه كلّما

<<  <  ج: ص:  >  >>