الثّغور من اهتمام بأمرها تبسم له الثّغور، واحتفال يبدّل ما دجا من ظلماتها بالنّور «١» ، فهذه حصون بها يحصل الانتفاع، وعلى العدوّ داعية افتراق لا اجتماع، وأولاها بالاهتمام ما كان البحر له مجاورا، والعدوّ إليه ملتفتا ناظرا، لا سيّما ثغور الديار المصرية فإنّ العدوّ وصل إليها رابحا وراح خاسرا، واستأصلهم الله فيها حتى ما أقال منهم عاثرا، وكذلك الأسطول الذي ترى خيله كالأهلّة، وركائبه سابقة بغير سائق مستقلّة، وهو أخو الجيش السّليماني، فإنّ ذاك غدت الريح له حاملة، وهذا تكفّلت بحمله الرّياح السابلة، وإذا لحظها الطّرف جارية في البحر كانت كالأعلام، وإذا شبّهها قال: هذه ليال تقلع بالأيام؛ وقد سنّى الله لك من السعادة كلّ مطلب، وآتاك من أصالة الرأي الذي يريك المغيّب، وبسط بعد القبض منك الأمل، ونشط بالسعادة ما كان من كسل، وهداك إلى مناهج الحقّ وما زلت مهتديا إليها، وألزمك المراشد فلا تحتاج إلى تنبيه عليها؛ والله تعالى يمدّك بأسباب نصره، ويوزعك شكر نعمه فإنّ النعمة تستتمّ بشكره؛ إن شاء الله تعالى.
وهذه نسخة عهد كتب بها القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، للسلطان الملك المنصور قلاوون، عن الخليفة الإمام أبي العبّاس أحمد الحاكم بأمر الله «٢» المتقدّم ذكره على هذه الطريقة، وهي:
الحمد لله الذي جعل آية السيف ناسخة لكثير من الآيات، وفاسخة لعقود أولي الشّكّ والشّبهات، الذي رفع بعض الخلق على بعض درجات، وأهّل لأمور البلاد والعباد من جاءت خوارق تملّكه بالذي إن لم يكن من المعجزات فمن الكرامات «٣»