فالحمد لله على أن جعل هذه السّقاية عينا يشرب بها المقرّبون، ومن علم شرفها تميّز وتمسّك بقوله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ
«١» .
والحمد لله الذي استخلف آله في الأرض وفضّلهم، فإن تحدّث أحد في شرف بيت فالله سبحانه قد جعل البيت والحديث لهم؛ فأكرم به بيتا من أقرّ بعبوديّته كان له بحمد الله من النار عتقا، وتمتّع بنعيم بركته التي لا يتجنّبها إلا الأشقى؛ وهو البيت الذي بعث الله منه شاهدا ومبشّرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وصفّى أهله من الأدناس وأنزل في حقّهم: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً
«٢» ، وصيّر علمهم الخليفتيّ «٣» على وجنة الدّهر شامة، وخصّهم بالتقديم فالحمد لله والله أكبر لهذه الإمامة؛ وإذا كان النسيب مقدّما في المدح وهو في النظم واسطة العقود، فهذا هو النّسب الذي كأنّ عليه من شمس الضّحى نورا ومن فلق الصباح عمود، وهذا هو الركن الذي من استلمه واستند إليه قيل له: فزت بعلوّ سندك، فقد روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمّه العباس:«يا عمّ ألا أبشّرك؟ قال: بلى يا رسول الله- قال: إنّ الله فتح الأمر بي ويختمه بولدك» . وهذا الحديث يرشد إلى التمسّك بطيب العهود العباسيّة لتفيض على المتمسك بها نيل الوفاء، وتعين من استعان بالمستعين وعلم أنّ النبيّ عليه السلام قال لجدّه:«أنت أبو الخلفاء» . وناهيك أنّه صلى الله عليه وسلم قال لأمّ فضل وهي شاكّة في الحمل:«اذهبي بأبي الخلفاء» فكان عبد الله المنتظم به هذا الشّمل فاحبب بها شجرة زكا غرسها ونما، وتسامت بها الأرض وكيف لا؟ وأصلها ثابت وفرعها في السّما؛ فسلام على هذا الخلف الذي منه المستعين بالله والمتوكل عليه