والواثق به والمعتصم والرشيد، ورحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميد مجيد.
نحمده حمد من علم أنّ آل هذا البيت الشريف كسفينة نوح وتعلّق بهم فنجا، ونشكره شكر من مال إلى الدّخول تحت العلم العبّاسيّ وتنصلّ من الخوارج فوجد له من كلّ ضيق مخرجا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو أن تكون مقبولة عند الحاكم وقت الأدا، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي حرّضنا على التمسك بالعهود وأرشدنا إلى طريق الهدى؛ صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين وفّوا بالعهود، وكانوا في نظام هذا الدّين وجمعه فرائد العقود، صلاة يسقي عهاد الرحمة- إن شاء الله- عهدها، وينتظم في سلك القبول عقدها، وسلّم تسليما.
أما بعد حمد الله الذي ألهمنا الرّشد وجعل منّا الخلفاء الراشدين، وهدانا بنبيّه صلى الله عليه وسلم وخصّنا من بيته الشريف بالأئمة المهديّين، واصطفى من هذا الخلف خلائف الأرض، وسنّ مواضي العقول التي قطعت أنّ طاعتنا فرض؛ فإنّ لعهدنا العبّاسي شرفا لا يرفل في حلله إلّا من اتّخذ مع الله عهدا وأتاه بقلب سليم، فقد قال الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ
«١» . لا يتمسّك بهذا العهد إلّا من صحا إلى القيام بواجب الطاعة وترك أهل الجهل في سكرتهم يعمهون، وانتظم في سلك من أنزل الله في حقّهم: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ
«٢» ؛ فمن نهض إلى المشي في منهاجه مشى بعين البصيرة في الطّريق القويم، وتلا له لسان الحال: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ