بقواعد السلطنة أدرى وبقوانينها الأعرف، وعلى الرّعايا الأعطف وبالرّعايا الأرأف، وهو الذي ما قيل لبناء ملك هذا عليه قد وهى إلّا وقيل هذا بناء مثله منه أسمى ملك أشرف، والذي ما برح النصر يتنسّم من مهابّ تأميله الفلاح، ويتبسّم ثغره فتتوسّم الثغور من مبسمه النّجاح، ويقسم نوره على البسيطة فلا مصر من الأمصار إلّا وهو يشرئبّ إلى ملاحظة جبين عهده الوضّاح، ويتفتّق اشتقاق النّعوت فيقول التسلّي للتملّي: سواء الصالح والصّلاح، والذي ما برح لشعار السلطنة إلى توقّله وتنقّله أتمّ حنين، وكأنما كوشفت الإمامة العبّاسيّة بشرف مسمّاه فيما تقدّم من زمن سلف ومن حين، فسمّت ووسمت باسمه أكابر الملوك وأخاير السلاطين، فخوطب كلّ منهم مجازا لا كهذه الحقيقة «بخليل» أمير المؤمنين؛ والذي [كم]«١» جلا ببهيّ جبينه من بهيم، وكم غدا الملك بحسن روائه ويمن آرائه يهيم، وكم أبرأ مورده العذب هيم عطاش ولا ينكر الخليل إذا قيل عنه إبراهيم، ومن تشخص الأبصار لكماله يوم ركوبه حسيرة، وتلقي البنان سلاحها ذهلا وهي لا تدري لكثرة الإيماء إلى جلاله إذا يبدو مسيره، والذي ألهم الله الأمة لجوده ووجوده صبرا جميلا، وآتاهم من نفاسة كرمه وحراسة سيفه وقلمه تأمينا وتأميلا، وعظم في القلوب والعيون بما من برّه سيكون فسمّته الأبوّة الشريفة ولدا وسمّاه الله «خليلا» .
ولمّا تحتّم من تفويض أمر الملك إليه ما كان لوقته المعلوم قد تأخّر، وتحيّن حينه فكمل زيادة كزيادة الهلال حتّى بادر تمامه فأبدر، اقتضى حسن المناسبة لنصائح الجمهور، والمراقبة لمصالح الأمور، والمصاقبة لمناجح البلاد والثّغور، والمقاربة من فواتح كلّ أمر ميسور، أن نفوّض إليه ولاية العهد الشريف بالسلطنة الشريفة المعظّمة، المكرّمة المفخّمة المنظّمة، وأن يبسط يده المنيفة لمصافحتها بالعهود، وتحكّمها في العساكر والجنود، وفي البحور والثّغور وفي التّهائم