لكلّ من الحرمين ما هو له، لتصبح ربوعه بذلك مأهولة، واحمه ممّن يريد فيه بإلحاد بظلم، وطهّره من مكس وغرم: ليعود نفعك على البادي والعاكف، ويصبح واديه وناديه مستغنيين بذلك عن السّحاب الواكف «١» ؛ والرعايا فهم للعدل زروع، وللاستثمار فروع، ولا ستلزام العمارة شروع؛ فمتى جادهم غيث أعجب الزّرّاع نباتهم، ونمت بالصّلاح أقواتهم، وصلحت بالنّماء أوقاتهم، وكثرت للجنود مستغلّاتهم، وتوفّرت زكواتهم وتنوّرت مشكاتهم، والله يضاعف لمن يشاء.
هذا عهدنا للسيد الأجلّ، الملك، الأشرف، صلاح الدنيا والدين، فخر الملوك والسلاطين، خليل أمير المؤمنين، أعزّ الله تعالى ببقائه الدّين؛ فليكن بعروته متمسّكا، وبنفحته متمسّكا، وليتقلّد سيف هذا التقليد، ويفتح مغلق كلّ فتح منه بخير إقليد؛ وها نحن قد كثّرنا لديه جواهره فدونه ما يشاء تحليته من تتويج مفرق وتختيم أنامل وتسوير زند وتطويق جيد، ففي كلّ ذلك تبجيل وتمجيد؛ والله تعالى يجعل استخلافه هذا للمتقين إماما، وللدّين قواما، وللمجاهدين اعتصاما، وللمعتدين انفصاما، ويطفيء بمياه سيوفه نار كلّ خطب حتى يصبح كما أصبحت نار سميّه صلى الله عليه وسلم بردا وسلاما؛ إن شاء الله تعالى.
وعلى ذلك كتب القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، عن المنصور «قلاوون» المتقدّم ذكره، عهد ولده الملك الصالح «علاء الدين علي» وهذه نسخته «٢» :
الحمد لله الذي شرّف سرير الملك منه بعليّه، وحاطه منه بوصيّه؛ وعضّد منصوره بولاية عهد صالحه، وأسمى حاتم جوده بمكارم حازها بسبق عديّه، وأبهج