خير الآباء من خير الابناء بمن سموّ أبيه منه بشريف الخلق وأبيّه، وغذّى روضه بمتابعة وسميّه «١» وبمسارعة وليّه.
نحمده على نعمه التي جمعت إلى الزّهر الثّمر، وداركت بالبحر وباركت في النّهر، وأجملت المبتدأ وأحسنت الخبر، وجمعت في لذاذة الأوقات وطيبها بين رونق الآصال ورقّة البكر، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نلبس الألسنة منها في كلّ ساعة [ثوبا]«٢» جديدا، ونتفيّأ منها ظلّا مديدا، ونستقرب من الآمال ما يراه سوانا بعيدا؛ ونصلّي على سيدنا محمد الذي طهّر الله به هذه الأمّة من الأدناس، وجعلها بهدايته زاكية الغراس؛ صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين منهم من فهم حسن استخلافه بالأمر له بالصّلاة بالناس «٣» ، ومنهم من بنى الله به قواعد الدّين وجعلها موطّدة الإساس «٤» ومنهم من جهّز جيش العسرة «٥» وواسى بماله حين الضرّاء والباس، ومنهم من قال عنه صلى الله عليه وسلم:«لأعطينّ الرّاية غدا رجلا يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله»«٦» فحسن الالتماس بذلك والاقتباس، وزاد في شرفه بأن طهّر أهل بيته وأذهب عنهم الأرجاس، صلاة لا تزال تتردّد تردّد الأنفاس، ولا تبرح في الآناء حسنة الإيناس.
وبعد، فإنّ خير من شرّفت مراتب السلطنة بحلوله، وفوّفت ملابس التحكيم بقبوله، ومن تزهى مطالع الملك بإشراقه، وتتبادر الممالك مذعنة لاستحقاقه، ومن يزدهي ملك منصوره- نصره الله بولده ووليّ عهده مكنة- بانيه، ومن يتشرّف إيوان عظمته: إن غاب والده في مصلحة الإسلام فهو صدره وإن حضر فهو ثانيه، ومن يتجمّل غاب الإيالة منه بخير شبل كفل ليثا، ويتكفّل غوث الأمّة بخير وابل