تنقّلك عهدا يحمّلك فيه أدبه، ويشرع لك به عظته، وإن كنت بحمد الله من دين الله وخلافته بحيث اصطنعك الله لولاية العهد مختصّا لك بذلك دون لحمتك وبني أبيك. ولولا ما أمر الله تعالى به، دالّا عليه، وتقدّمت فيه الحكماء آمرين به: من تقديم العظة، والتّذكير لأهل المعرفة وإن كانوا أولي سابقة في الفضل وخصيّصاء «١»
في العلم، لا عتمد أمير المؤمنين على اصطناع الله إيّاك، وتفضيله لك بما رآك أهله في محلّك من أمير المؤمنين، وسبقك إلى رغائب أخلاقه، وانتزاعك محمود شيمه، واستيلائك على مشابه تدبيره. ولو كان المؤدّبون أخذوا العلم من عند أنفسهم، أو لقّنوه إلهاما من تلقائهم ولم نصبهم تعلّموا «٢»
شيئا من غيرهم، لنحلناهم «٣»
علم الغيب، ووضعناهم بمنزلة قصّر بها عنهم خالقهم «٤»
المستأثر بعلم الغيب عنهم بوحدانيّته في فردانيّته وسابق لا هوتيّته، احتجابا منه لتعقّب في حكمه، وتثبّت في سلطانه وتنفيذ إرادته، على سابق مشيئته، ولكنّ العالم الموفّق للخير، المخصوص بالفضل، المحبوّ بمزيّة العلم وصفوته، أدركه معانا عليه بلطف بحثه، وإذلال كنفه، وصحّة فهمه، وهجر سآمته.
وقد تقدّم أمير المؤمنين إليك، آخذا بالحجّة عليك، مؤدّيا حقّ الله الواجب عليه في إرشادك وقضاء حقّك، وما ينظر به الوالد المعنيّ الشّفيق لولده. وأمير المؤمنين يرجو أن ينزّهك الله عن كل قبيح يهشّ له طمع، وأن يعصمك من كلّ مكروه حاق بأحد، وأن يحصّنك من كلّ آفة استولت على امريء في دين أو خلق، وأن يبلّغه فيك أحسن ما لم يزل يعوّده ويريه من آثار نعمة الله عليك، سامية بك