للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيا وثالثا ورابعا وخامسا وسادسا؛ فإن اكتفيت فيما يطرقك ويبدهك ببعث واحد، كان معدّا لم تحتج إلى انتخابهم في ساعتك تلك فقطّع البعث عليهم عند ما يرهقك. وإن احتجت إلى اثنين أو ثلاثة وجّهت منهم إرادتك أو ما ترى قوّتك، إن شاء الله.

وكّل بخزائنك ودواوينك رجلا ناصحا أمينا، ذا ورع حاجز، ودين فاضل، وطاعة خالصة، وأمانة صادقة، واجعل معه خيلا يكون مسيرها ومنزلها ومرحلها «١» مع خزانتك وحولها، وتقدّم إليه في حفظها، والتوقّي عليها، واتّهام كلّ من تسند إليه شيئا منها على إضاعته والتهاون به، والشّدّة على من دنا منها في مسير، أو ضامّها في منزل، أو خالطها في منهل. وليكن عامّة الجند والجيش- إلا من استخلصت للمسير معها- متنحّين عنها، مجانبين لها في المسير والمنزل، فإنه ربّما كانت الجولة وحدثت الفزعة، فإن لم يكن للخزائن ممن يوكّل بها أهل حفظ لها وذبّ عنها، وحياطة دونها، وقوّة على من أراد انتهابها، أسرع الجند إليها وتداعوا نحوها حتّى يكاد يترامى ذلك بهم إلى انتهاب العسكر، واضطراب الفتنة، فإنّ أهل الفتن وسوء السّيرة كثير، وإنما همّتهم الشّر، فإيّاك أن يكون لأحد في خزائنك ودواوينك [وبيوت أموالك] «٢» مطمع أو يجد سبيلا إلى اغتيالها ومرزأتها [إن شاء الله] «٣» .

اعلم أنّ أحسن مكيدتك أثرا في العامّة، وأبعدها صيتا في حسن القالة، ما نلت الظّفر فيه بحزم الرّويّة، وحسن السّيرة، ولطف الحيلة، فلتكن رويّتك في ذلك وحرصك على إصابته بالحيل، لا بالقتال وأخطار التّلف، وادسس إلى عدوّك، وكاتب رؤساءهم وقادتهم وعدهم المنالات، ومنّهم الولايات، وسوّغهم التّراث، وضع عنهم الإحن «٤» ، واقطع أعناقهم بالمطامع، واستدعهم بالمثاوب،

<<  <  ج: ص:  >  >>