واملأ قلوبهم بالترهيب إن أمكنتك منهم الدّوائر، وأصارتهم إليك الرّواجع، وادعهم إلى الوثوب بصاحبهم أو اعتزاله إن لم يكن لهم بالوثوب عليه طاقة، ولا عليك «١» أن تطرح إلى بعضهم كتبا كأنّها جواب «٢» كتب لهم إليك، وتكتب على ألسنتهم كتبا إليك تدفعها إليهم، وتحمل بها صاحبهم عليهم وتنزلهم عنده بمنزلة التّهمة ومحلّ الظّنّة، فلعلّ مكيدتك في ذلك أن يكون فيها افتراق كلمتهم، وتشتيت جماعتهم، وإحن قلوبهم، وسوء الظنّ من واليهم بهم، فيوحشهم منه خوفهم إيّاه على أنفسهم إذا أيقنوا باتّهامه إيّاهم، فإن بسط يده فقتلهم، وأولغ سيفه في دمائهم، وأسرع الوثوب بهم، أشعرهم جميعا الخوف، وشملهم الرّعب، ودعاهم إليك الهرب فتهافتوا نحوك بالنصيحة وأمّوك بالطّلب، وإن كان متأنّيا محتملا رجوت أن تستميل إليك بعضهم، ويستدعي الطمع ذوي الشّره منهم، وتنال بذلك ما تحب من أخبارهم، إن شاء الله.
إذا تدانى الصّفّان، وتواقف الجمعان، واحتضرت الحرب، وعبّأت أصحابك لقتال عدوّهم، فأكثر من قول: لا حول ولا قوّة إلا بالله، والتوكّل على الله عزّ وجلّ والتفويض إليه، ومسألته توفيقك وإرشادك، وأن يعزم لك على الرّشد المنجي، والعصمة الكالئة، والحياطة الشاملة. ومر جندك بالصّمت وقلّة التلفّت عند المصاولة، وكثرة التكبير في أنفسهم «٣» ، والتسبيح بضمائرهم، ولا يظهروا تكبيرا إلا في الكرّات والحملات، وعند كل زلفة يزدلفونها، فأما وهم وقوف فإنّ ذلك من الفشل والجبن، وليذكروا الله في أنفسهم ويسألوه نصرهم وإعزازهم، وليكثروا من قول: لا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم، حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهمّ انصرنا على عدوّك وعدوّنا الباغي، واكفنا شوكته المستحدّة وأيّدنا بملائكتك الغالبين، واعصمنا بعونك من الفشل والعجز إنك أرحم الراحمين.