وجدّوا، وخلا الزمان ممّن ينهض بعبء هذا الأمر الجسيم، وتصبح أنباؤه فيه ذكيّة الأرج والنسيم- لم يبق غيرك ممن يستحقّ التخييم في عراصه، والتحكيم في اجتناء الفخر منه واستخلاصه، وكان القدر سبق بانفصالك عن الخدمة لا لضعف سريرة، ولا لقوّة جريرة، ولا لكدر سيرة؛ وكيف وأنت المتفرّد بالكمال، والمتجرّد في كل مقام سلم حدّ تقرّبك فيه من حادث الكلال، ولك في الدولة الحقوق التي أعتدت لك من وقع الاستزادة مجنّا، والمواقف التي اغتذت من درّة الإحماد بما أيّن «١» الظّئر لها وأنّا، والمقاصد التي أعدمت منك البدل، ولا انحرف لك منها مسعى عن مناهج الإصابة ولا عدل، وتمكّنت فيها من عنان التوفيق بما لا يجارى سيفك فيه قط، ولا يحسن له حال المسرى إليه المحطّ؛ والآثار التي أثارت من كوامن الرضا أفضل ما يذخر ويقتنى، وأنارت من دلائل الزّلفى ما ينتجز به وعد المنى ويقتضى؛ لكن كان ذلك مسطورا في الكتاب، وليتبيّن أنّه لا عوض عنك في الاستحقاق للأمر والاستيجاب، لم يوجد لهذه الرّتبة كفؤا سواك، ولا ينزّهها عن العطل غير رائق حلاك، فرأى أمير المؤمنين تسليم مقاليدها إليك إذ كنت أحقّ بها وأهلها، وممّن يجمع بعد الشّتات شملها، فطوّقك من قلائدها ما هو بأعطافك ألصق، وبتمام أوصافك أليق: لتدّرع من عزّ الوزارة جلبابا لا تخلق الأيام له جدّة، ولا تزال السّعود بما يؤول إلى دوام مدّته ممتدّة، وترتضع من لبان خلالها «٢» ما يقضي لك بأن تقف نفسها عليك، وتقف آمال الأمثال دون ما انتهت الغاية فيه إليك، وتعتمد فيما عدقه «٣» بك منها وناطه، ووفّاك فيه حقوق النظر واشتراطه، بحكم توحّدت في إحراز أدواتها التي لا يبلغ أحد لك منها مدى، ولم يمدّ طامع إلى مساجلتك فيها يدا- ما يرضي الله تعالى ويرضيه، ويخصّ ذكرك بالطيب