ثم إنه شفع هذه المنحة التي قمّصك مجاسد فخرها بالوجوب، وعوّضك فيها الدهر بحادث البشر عن سابق القطوب- بإيصالك إلى حضرته، وإدنائك من سدّته، ومناجاتك بما يتيح لك امتطاء غارب المجد وصهوته، والاحتواء على خالص السعد وصفوته، وحبائك من صنوف التشريفات التي تروق حلى خلالها، وتتوق الآمال إلى إدراكها ومنالها؛ وصفت الكرامات التي وفت المنى بها بعد مطالها، ونفت القذى عن مقل مغضوضة بسوء فعال الأيّام ومقالها، بما يوطيء عقبك الرجال، ويضيّق على من يحاول مجاراتك المسرح والمجال؛ ولم يقتنع بذلك في حقّ النّعمى التي أعداك فيها على الغير، وأغداك منها في ظلّ من الأمن البادي الأوضاح والغرر، حتّى ألحق بسماتك «تاج الوزراء» تنويها بذكرك في الزّمان، وتنبيها على اختصاصك لديه بوجاهة الرّتبة والمكان، فصار مكروه الأمور في محبوبها سببا، وخبت نار كلّ من سعى في تضليل النظام وجيفا وخببا «٢» ، حتّى الآملون أن يجعلوا تخت الخلافة «٣» زمنا «٤» ، وتصبح رباعه بعد النّضارة دمنا، ليعقبهم ذاك نيل ما وصلت إليه الإمضاء لهذا العزم. وبالجملة فالسّآمة واقعة من تتابع هذه الشّكاوى، وقد كان الأحبّ أن لا يضمّن الكتب النافذة سوى تعهّد الأنباء، لا زال عرفها أرجا من سائر الأرجاء والنّواحي. لكن تأتي مجاري الأقدار، ودواعي الاضطرار، إلى «٥» ما يرنّق ماء الإرادة والإيثار، والآن فقد بلغ الماء، وجلب من عدم الصّبر الحنّاء، ولم يبق غير هزّة دينيّة منك تكشف بها هذه المعرّة، وتتحف منها أمير المؤمنين بما يتمّ لديه أكمل المسرّة؛ فقم في ذلك مقام مثلك-