للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبحث، نظر فيه نظر صاحب المظالم، وانتزع الحقّ ممن غصب عليه، واستخلصه ممن امتدّت له يد التعدّي والتغرر إليه، وأعاده إلى مستحقّه، وأقرّه عند مستوجبه، غير مراقب كبيرا لكبره، ولا خاصّا لخصوصه ولا شريفا لشرفه، ولا متسلطنا لسلطانه، بل يقدّم أمر الله جلّ ذكره في كل ما يأتي ويذر، ويتوخّى رضاه فيما يورد ويصدر، ويكون على الضعيف المحق حدبا رؤوفا حتّى ينتصر «١» وينتصف، وعلى القويّ المبطل شديدا غليظا حتّى ينقاد ويذعن، قال الله جل وعز:

يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ

«٢» .

وأمره أن يفتح بابه، ويسهّل حجابه، ويبسط وجهه، ويلين كنفه، ويصبر على الخصوم الناقصين في بيانهم حتّى تظهر حجّتهم، وينعم النظر في أقوال أهل اللّسن والبيان منهم حتّى يعلم مصيبهم «٣» فربّما استظهر العرّيض «٤» المبطل بفضل بيانه، على العاجز المحقّ لعيّ لسانه؛ وهنالك يجب أن يقع التصفّح على القولين، والاستظهار «٥» للأمرين: ليؤمن أن يزول الحقّ عن سننه ويزورّ الحكم عن طريقه؛ قال الله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ

«٦» .

وأمره بأن لا يردّ للقضاة حكما يمضونه، ولا سجلّا ينفّذونه، ولا يعقّب ذلك بفسخ، ولا يطرّق عليه النقض «٧» ، بل يكون لهم موافقا مؤازرا، ولأحكامهم

<<  <  ج: ص:  >  >>