للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاضدا ناصرا، إذ كان الحقّ واحدا وإن اختلفت المذاهب إليه، فإذا وجد القصّة «١» قد سيقت، والحكومة قد وقعت، فليس هناك شكّ يوقف عنده، ولا ريب يحتاج إلى الكشف عنه؛ وإذا وجد الأمر مشتبها، والحقّ ملتبسا، والتغرّر مستعملا، والتغلّب مستجازا، نظر فيه نظر الناصر لحقّ المحقين، الداحض لباطل المبطلين، المقوّي لأيدي المستضعفين، الآخذ على أيدي المعتدين، قال الله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً

«٢» .

وأمره أن يستظهر على معرفته بمشاورة القضاة والفقهاء، ومباحثة الرّبّانيّين والعلماء؛ فإن اشتبه عليه أمر استرشدهم، وإن عزب عنه صواب استدلّ عليه بهم، فإنهم أزمّة الأحكام، وإليهم مرجع الحكّام، وإذا اقتدى بهم في المشكلات، وعمل بأقوالهم في المعضلات، أمن من زلّة العاثر، وغلطة المستاثر؛ وكان خليقا بالأصالة في رأيه، والإصابة في أبحاثه، وقد أمر الله- تقدّست أسماؤه- بالمشاورة فعرّف الناس فضلها، وأسلكهم سبلها بقوله لرسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ

«٣» .

وأمره أن يكتب لمن توجّب له حقّ من الحقوق إلى صاحب الكوفة بالشّدّ على يده والتمكّن له منه، وقبض الأيدي عن منازعته، وحسم الأطماع في معارضته، إذ هو مندوب لتنفيذ أحكامه، ومأمور بإمضاء قضاياه، ومتى أخذ أحد من الخصوم إلى مكاذبة «٤» في حقّ قد حكم عليه به، أخذ على يده وكفّه عن

<<  <  ج: ص:  >  >>