للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحلّ المكين، ووصفه به من الحلم الرّزين، وأشار به من رفع المنزلة، وتقديم الرّتبة، والتأهيل لولاية الأعمال، وتحمّل الأعباء والأثقال، وحيث رغّبه فيه، سابقة الحسين أبيه، في الخدمة والنصيحة، والمشايعة الصّحيحة، والمواقف المحمودة، والمقامات المشهودة، التي طابت بها أخباره، وحسنت فيها آثاره، وكان محمد متخلّقا بخلائقه، وذاهبا على طرائقه: علما وديانة، وورعا وصيانة، وعفّة وأمانة، وشهامة وصرامة، وتفرّدا بالحظ الجزيل: من الفضل الجميل والأدب الجزل «١» ، والتوجّه في الأهل، والإيفاء في المناقب على لداته وأترابه، والإبرار على قرنائه وأضرابه- فقلّده ما كان داخلا في أعمال أبيه من نقابة نقباء الطالبيّين بمدينة السلام وسائر الأعمال والأمصار، وشرقا وغربا، وبعدا وقربا، واختصّه بذلك جذبا بضبعه، وإنافة بقدره، وقضاء لحقّ رحمه، وترفيها لأبيه، وإسعافا له بإيثاره فيه، إلى ما أمر أمير المؤمنين باستخلافه عليه من النّظر في المظالم، وتسيير الحجيج في أوان المواسم؛ والله يعرّف أمير المؤمنين الخيرة فيما أمر ودبّر، وحسن العاقبة فيما قضى وأمضى، وما توفيق أمير المؤمنين إلا بالله عليه يتوكّل وإليه ينيب.

أمره بتقوى الله التي هي شعار المؤمنين، وسيما الصالحين، وعصمة عباد الله أجمعين؛ وأن يعتقدها سرّا وجهرا، ويعتمدها قولا وفعلا، فيأخذ بها ويعطي، ويريش ويبري «٢» ، ويأتي ويذر، ويورد ويصدر؛ فإنها السبب المتين، والمعقل الحصين، والزاد النافع يوم الحساب، والمسلك المفضي إلى دار الثّواب، وقد حضّ الله أولياءه عليها، وهداهم في محكم كتابه إليها؛ فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

«٣» . وقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ

«٤» .

<<  <  ج: ص:  >  >>