للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمره بتلاوة كتاب الله سبحانه مواظبا، وتصفّحه مداوما ملازما، والرّجوع إلى أحكامه فيما أحلّ وحرّم، ونقض وأبرم، وأثاب وعاقب [وباعد وقارب] «١» ؛ فقد صحّح الله برهانه [وحجّته] «٢» ، وأوضح منهاجه ومحجّته، وجعله فجرا في الظّلمات طالعا، ونورا في المشكلات ساطعا، فمن أخذ به نجا وسلم، ومن عدل عنه هلك وهوى [وندم] «٣» . قال الله عز وجل: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ

«٤» .

وأمره بتنزيه نفسه عما تدعو إليه الشّهوات، وتتطلّع إليه النّزوات، وأن يضبطها ضبط الحكيم، ويكفّها كفّ الحليم، ويجعل عقله سلطانا عليها، وتمييزه آمرا ناهيا لها؛ فلا يجعل لها عذرا إلى صبوة ولا هفوة، ولا يطلق منها عنانا عند ثورة ولا فورة، فإنّها أمّارة بالسّوء، منصبّة إلى الغيّ؛ فالحازم يتّهمها عند تحرّك وطره وأربه، واهتياج غيظه وغضبه، ولا يدع أن يغضّها بالشكيم «٥» ، ويعركها عرك الأديم، ويقودها إلى مصالحها بالخزائم «٦» ، ويعتقلها عن مقارفة المحارم والمآثم، كيما يعزّ بتذليلها وتأديبها، ويجلّ برياضتها وتقويمها، والمفرّط في أمره تطمح به إذا طمحت، ويجمح معها أنّى جمحت، ولا يلبث أن تورده حيث لا صدر، وتلجئه إلى أن يعتذر، وتقيمه مقام النادم الواجم، وتتنكّب به سبيل الراشد السالم؛ وأحقّ من تحلّى بالمحاسن، وتصدّى لاكتساب المحامد، من ضرب بمثل سهمه في نسب أمير المؤمنين الشريف، ومنصبه المنيف، واجتمع معه في ذؤابة العترة الطاهرة، واستظلّ بأوراق الدّوحة الفاخرة، فذاك الذي تتضاعف له المآثر إن آثرها، والمثالب إن أسفّ إليها، ولا سيّما من كان مندوبا لسياسة غيره،

<<  <  ج: ص:  >  >>