للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومرشّحا للتقليد على أهله، إذ ليس يفي بإصلاح من ولّي عليه، من لا يفي بإصلاح ما بين جنبيه، وكان من أعظم الهجنة أن يأمر ولا يأتمر، ويزجر ولا يزدجر، قال الله عزّ وجلّ: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ

«١» .

وأمره بتصفّح أحوال من ولّي عليهم واستقراء مذاهبهم، والبحث عن بواطنهم «٢» ودخائلهم، وأن يعرف لمن تقدّمت قدمه منهم وتظاهر فضله فيهم منزلته، ويوفّيه حقّه ورتبته، وينتهي في إكرام جماعتهم إلى الحدود التي توجبها أنسابهم «٣» وأقدارهم، وتقتضيها مواقفهم وأخطارهم: فإنّ ذلك يلزمه لشيئين «٤» :

أحدهما يخصّه وهو النّسب الذي بينه وبينهم، والآخر يعمّه والمسلمين جميعا، وهو قول الله جلّ ثناؤه: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى

«٥» فالمودّة لهم والإعظام لأكابرهم، والإشبال «٦» على أصاغرهم؛ [واجب] «٧» متضاعف الوجوب عليه، ومتأكّد اللزوم له؛ ومن كان منهم في دون تلك الطّبقة من أحداث لم يحتنكوا، أو جذعان «٨» لم يقرحوا، مجرين إلى ما يزري بأنسابهم ويغضّ من أحسابهم، عذلهم ونبّههم، ونهاهم ووعظهم؛ فإن نزعوا وأقلعوا فذاك المراد بهم، والمقصود إليه فيهم، وإن أصرّوا وتتابعوا، أنالهم من العقوبة بقدر ما يكفّ ويردع؛ فإن نفع وإلا تجاوزه إلى ما يوجع ويلذع، من غير تطرّق لأعراضهم، ولا انتهاك لأحسابهم، فإنّ الغرض منه الصّيانة، لا الإهانة،

<<  <  ج: ص:  >  >>