للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللائقة بذوي الأحساب: فإنّ شرف الأعراق، محتاج إلى شرف الأخلاق؛ ولا حمد لمن شرف نسبه، وسخف أدبه، إذ كان لم يكسب الفخر الحاصل له بفضل سعي ولا طلب، ولا اجتهاد ولا دأب، بل بصنع من الله عز وجلّ له، ومزيد في المنّة عليه، وبحسب ذلك لزوم ما يلزمه من شكره سبحانه على هذه العطيّة، والاعتداد بما فيها من المزيّة، وإعمال النّفس في حيازة الفضائل والمناقب، والترفّع عن الرّذائل والمثالب.

وأمره بإجمال النّيابة عن شيخه الحسين بن موسى فيما أمره أمير المؤمنين باستخلافه عليه من النظر في المظالم، والأخذ للمظلوم من الظالم، وأن يجلس للمترافعين إليه جلوسا عامّا، ويتأمّل ظلاماتهم تأمّلا تامّا؛ فما كان منها متعلّقا بالحاكم ردّه إليه، ليحمل الخصوم عليه، وما كان طريقه طريق الغشم والظّلم، والتغلّب والغصب، قبض عنه اليد المبطلة، وثبّت فيه اليد المستحقّة، وتحرّى في قضاياه أن تكون موافقة للعدل، ومجانبة للخذل، فإنّ غايتي الحاكم وصاحب المظالم واحدة: وهي إقامة الحق ونصرته، وإبانته وإنارته، وإنما يختلف سبيلاهما في النظر: إذ الحاكم يعمل على ما ثبت وظهر، وصاحب المظالم يفحص عمّا غمض واستتر، وليس له مع ذلك أن يردّ لحاكم حكومة، ولا يعلّ له قضيّة، ولا يتعقّب ما ينفذه ويمضيه، ولا يتتّبع ما يحكم به ويقضيه، والله يهديه ويسدّده، ويوفّقه ويرشده.

وأمره أن يسيّر حجيج بيت الله إلى مقصدهم، ويحميهم في بدأتهم وعودتهم، ويرتّبهم في مسيرهم ومسلكهم، ويرعاهم في ليلهم ونهارهم، حتّى لا تنالهم شدّة، ولا تصل إليهم مضرّة، وأن يريحهم في المنازل «١» ، ويوردهم المناهل، ويناوب بينهم في النّهل والعلل، ويمكّنهم من الارتواء والاكتفاء، مجتهدا في الصّيانة لهم، ومعذرا في الذّبّ عنهم، ومتلوّما على متأخّرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>