ينويها، وأن يجعل النجاح قائدها وسائقها، والصلاح أوّلها وآخرها؛ وما توفيق أمير المؤمنين إلّا بالله عليه يتوكّل وإليه ينيب.
أمره بتقوى الله التي هي أحرز المعاقل، وأحصن الجنن عند النّوازل، وأعظم ملجإ يلجأ إليه، وآمن موئل يعوّل عليه، وأن يعتقدها في خلوته وحفلته، ويعتمدها في سرّه وعلانيته، ويجعلها سببا يتّبعه، ولباسا يدّرعه، فينازع بها من نازعه، ويوادع بها من وادعه: فإنها أوكد الأسباب، وأوصل القرب والأنساب، وأولى الناس بالتمسّك بحبلها، والاشتمال بظلّها، من كان بأجلّ المناسب تعلّقه، وبأشرف الخلائق تخلّقه؛ قال الله سبحانه: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً
«١» .
وأمره بتلاوة القرآن، والمواظبة عليه والإدمان، والائتمار بما فيه من الأوامر، والازدجار عما تضمّن من الزّواجر، وأن يجعله الإمام المتّبع فيقفوه، والطريق المهيع «٢» فيقصده وينحوه: فإنه العلم المنجي من الغواية، والدليل القائد إلى الهداية، والنور الساطع للظلام إذا أشكل مشكل، والحاكم القاضي بالحقّ إذا أعضل معضل، قال الله: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
«٣» .
وأمره بتهذيب لبّه، من جوامح الوساوس، وتطهير قلبه، من مطامح الهواجس، وأن يتوقّى اللحظة العارمة «٤» ، ويتجنّب اللفظة المؤلمة، عاصيا جواذب الخلاعة، ومطيعا أوامر النّزاهة، حتّى يستوي خافيه وعالنه، ويتّفق ظاهره وباطنه، فعال من جعله إمام المسلمين إماما، وقدّمته الرعية أماما، وكان إلى الله داعيا، وله عن عباده مناجيا، وبينهم وبين خالقهم وسيطا، وعلى ما قلّده من الصلاة بهم أمينا: لتصحّ شروط صلاته، ويقبل مرفوع دعواته؛ قال الله عز وجل: