مقاوم «١» عزّه وفخره، ومحاضر صيته وذكره، ومراكز أعلام الدّين الخافقة، ومطالع شموس الإسلام الشارقة، ومواقف الحق المشهودة، وقواعد الإيمان الموطودة، مما لا يتضعضع أحدها إلا تضعضع من أركان الإسلام له ركن، ولا التات «٢» بعضها إلا التات من أعضاء الدّين عضو؛ قال الله عز وجل: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
«٣» .
وأمره في خطبته بكثرة التحفّظ، وعند افتتاحه واختتامه بطول التيقّظ، فإن العيون به منوطة، والأعناق إليه ممدودة، والمسامع فاغرة تتلقّف ما يقوله، والقلوب فارغة لحفظ ما يبديء وما يعيد؛ فقليل الزّلل، في ذلك الموقف كثير، وصغير الخطل، في ذلك المقام كبير؛ والله تعالى يسدّده إلى المحجّة «٤» الوسطى، ويقف به على الطريقة المثلى، بمنّه.
وأمره بالسّكينة في انتصابه للصّلاة الجامعة، وتقدّمه لقضاء الفروض اللازمة، وأن يسكن [في كلّ]«٥» حدّ من حدودها في الرّكوع والسّجود، والقيام والقعود، فإنه عليها محاسب، وبما يلحق من يأتمّ به في جميعها مطالب، وأن يفرّع قلبه لما يتلوه من البيان، ويرفع صوته بما يمرّ به من قوارع القرآن، مرتّلا لقراءته، ومسترسلا في تلاوته: ليشترك في سماعها الأقرب والأقصى، وينتفع بمواعظها الأبعد والأدنى، بعد إخلاص سرّه وانتزاعه، وتسويته في الطهور بين باديه وخافيه، وغائبه وحاضره، فليس بالطاهر عند الله تعالى من يصيب بالماء أطرافه، وأدرن بالخبائث شغافه؛ قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ