الأخبار الجريحة «١» ، والرّوايات غير الصّحيحة، والفحص عن طرقها وإسنادها، وتمييز قويمها وميّادها، والبحث عن رواتها، منحوزها «٢» وثقاتها؛ فما ألفاه بريئا من الطعن، آمنا من القدح والوهن، عاريا من ملابس الشّكّ والارتياب، عاطلا عن حلى الشّبهة والاعتياب، اتّبعه واقتفاه، وتمثّله واحتذاه، وكان به حاكما، ولأدواء الباطل باتّباعه حاسما، وما كان مترجّحا «٣» بين كفّتي الشكّ واليقين، ولم تبد فيه مخايل الحق المبين، جعل الوقف حكمه، وردع عن العمل به عزمه، إلى أن يضح الحقّ فيه، فيعتمد ما يوجبه ويقتضيه: فإنه عليه السلام الداعي إلى الهدى، والرحمة التي عصم الله بها من عوادي الرّدى، والهادي الذي لم يفصل بين العمل بفرائض كتابه وسننه في قوله تقدّست أسماؤه، وجلّت آلاؤه: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ
«٤» .
وأمره بإقامة الصّلوات الخمس المفروضة في أوقاتها، والمبادرة إليها قبل فواتها، والإتيان بشرائطها المحدودة وأركانها.
وأمره بمجالسة العلماء، ومباحثة الفقهاء، ومناقشة ذوي البصيرة والفهم، والفطنة والحزم، ومشاورتهم في عوارض الأمور المشكلة، وسوانح الأحكام المستبهمة المعضلة، حتى يصرّح محض رأيه وآرائهم عن زبدة الصّواب، وتنتج أفكارهم باستجمامها نظرا شافيا بالجواب، رافعا عنه منسدل الحجاب؛ وإنّ في ذلك ثلجا للصّدور، واستظهارا في الأمور، واحترازا من دواعي الزّلل، واستمرار الخلل، وامنا من غوائل الانفراد، وحطّا للتعويل على الاستبداد؛ فلربّ ثقة أدّت إلى خجل، وأمن أفضى إلى وجل؛ وما زالت الشّورى مقرونة بالإصابة، محكمة عرى الحق وأسبابه، حارسة من عواقب النّدم، داعية إلى السلامة من زلّة القدم؛