للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنافرهم، اعتمادا للواجب، وانتهاجا لجدد العدل اللاحب «١» . قال الله تعالى:

يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ

«٢» .

وأمره إذا انتدب للقضاء أن يفرّغ باله، ويقضي أمامه أو طاره وأشغاله، ويخلّي من أحوال الدنيا سرّه، ويشرح لما هو بصدده صدره؛ فلا تنزع نفسه إلى تحصيل مأرب، ولا تتطلّع إلى درك مطلب؛ فإن القلب إذا اكتنفته شجونه، وأحاطت به شؤونه، كان عرضة لتشعّب أفكاره، وحمله على مركب اضطراره الجاري بضدّ إيثاره واختياره، حريّا بالتقصير عن الفهم والإفهام، والضّجر عند مشتجر الخصام.

وأمره بالتثبّت في الحدود، والاستظهار عند إقامتها بمن يسكن إلى قوله من الشّهود، والاحتياط من عجل يحيل الحكم عن بيانه، أو ريث يرجيه عند وضوحه وتبيانه، وأن يتجافى عمّا لم يصرّح له بذكره وشرحه، ولا يسرع إلى تصديق ساع وإن تشبّه بالناصحين في نصحه، حتّى يستبين له الحقّ فيمضيه، عاملا بما يوجبه حكم الله فيه، وأن يدرأ من الحدود ما اعترضت الشّبهة دليله «٣» ، وكانت شواهده مدخولة، ويقيم منها ما قامت شهوده، ولم يمكن إنكاره وجحوده؛ قال الله تعالى مكبرا لتجافيها، ومعظّما للتجوّز فيها: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ

«٤» .

وأمره بتصفّح أحوال الشّهود المعدّلين، المسموعة أقوالهم في أمور المسلمين وأحوال الدّين، ومواصلة البحث عن طرائقهم، واستشفاف خلائقهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>