للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحمدة أجمل كسب مراد، وحظّ مجسّد مستفاد. ومتى كان عن هذه الخلال متخلّيا، وبخلافها متحلّيا، اعتاض عنه بمن هو أسلم غيبا، وآمن ريبا، وأنقى جيبا، وأقلّ عيبا، قال الله سبحانه: وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً

«١» .

وأمره أن يتسلّم ديوان القضاء وما فيه من الحجج والسّجلّات، والوثائق والكفالات، والمحاضر والوكالات، بمحضر من العدول ليكونوا له مشاهدين، وعليه شاهدين، وأن يجعل خزّانها من يرتضيه، باجتماع أدوات الخير فيه، عاملا في حفظها بما تقتضيه الأمانة التي أشفقت السموات والأرض والجبال منها، وأقررن بالعجز عنها، متحرّيا من أمر يبوء معه بالأثام، في دار المقام؛ قال الله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا

«٢» .

وأمره بمراعاة أمر الحسبة «٣» فإنها أكبر المصالح وأهمّها، وأجمعها لنفع الناس وأعمّها، وأدعاها إلى تحصين أموالهم، وانتظام أحوالهم؛ وحسم موادّ الفساد، وكفّ يده عن الامتداد، وأن يتقدّم إلى المستناب فيها بمداومة الاطّلاع على كمّيّة الأسعار، والفحص عن مادّة المخلوقات في الانقطاع والاستمرار، ومواصلة الجلوس في أماكن الأقوات ومظانّها: ليكون تسعيرها بمقتضى زيادتها ونقصانها، غير خارج في ذلك عن حدّ الاعتدال، ولا مائل إلى ما يجحف بالفريقين من إكثار وإقلال، وأن يراعي عيار المكاييل والموازين، ليميّز ذوي الصّحّة من المطفّفين، فيقول لمن حسن اعتباره [مر] «٤» حى ويقابل من ساء اختباره بما يجعله لأمثاله رادعا، حتّى يزنوا بالقسطاس المستقيم، ويتجنّبوا التطفيف بقلب من إضمار

<<  <  ج: ص:  >  >>