للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتبّع عثراتهم، والبحث عن هفواتهم؛ ومهما رفع إليه من ذلك مما الإجماع عليه موافق، ولسان الكتاب والسّنّة به ناطق، أمضاه وحكم به، وإن كان مباينا لمذهبه:

فإنّ الحكومات كلّها ماضية على اختلاف جهاتها، مستمرّة على تنافي صفاتها، محميّة عن التأويل والتعليل، محروسة من التغيير والتبديل، ما كان لها مخرج في بعض الأقوال، أو وجد لها عند الفقهاء احتمال، إلّا أن يكون الإجماع منعقدا على ضدّها، آخذا بإلغائها وردّها، فيستفرغ في إيضاحها جهده، وينفق في تلافيها من الاستطاعة وجده «١» ، حتّى يعيدها إلى مقرّها من الواجب، ويمضيها على الحقّ اللّازب «٢» ، قال الله عز وجل: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ

«٣» .

وأمره أن يتّخذ كاتبا بالظّلف موسوما، وبأدقّ ما يناط به قؤوما، خبيرا بما يسطره، عالما بما يذكره، عارفا بالشّروط والسّجلّات، وما يتوجّه نحوها من التأويلات، ويتداخلها من الشّبه والتلبيسات، مطّلعا على أسرارها وعللها، وتصاريف حيلها، متحرّزا في كل حال، متنزّها عن مذموم الفعال، متّخذا خشية الله شعارا، مسبلا دون عصيانه من التّقى أستارا: فإنها نظاماته التي يرجع إليها، ويده التي يبطش بها ويعوّل عليها؛ ومتى لم يكن له من نفسه وازع، ولا من عقله ودينه رادع، لم يؤمن أن تدبّ عقاربه ليلا، ويسحب على الغوائل والموبقات ذيلا، فيعمّ الضرر بمكانه، ويشرع أذاه إلى المسلمين حدّ سنانه. وأن يتخيّر حاجبا طاويا كشحه دون الأشرار، جامعا لأدب الأخيار، مدّرعا جلباب الحياء، طلق الوجه عند اللّقاء، سهل الجانب ليّنه، مستشعر الخير متيقّنه، غير متجهّم للناس، ولا معاملهم بغير البشاشة والإيناس، فإنه الباب إليه، والمعتمد في لقائه عليه؛ فلينتخبه انتخاب من علم أنّ حسن الثناء خير زاد، وأنفس ذخر وعتاد، ورأى طيّب

<<  <  ج: ص:  >  >>