ثلم أمانة، أو قارف خيانة، مستظهرا بترتيب المشرفين الذين خبر أحوالهم، وسبر أفعالهم.
وأن يتقدّم إلى المستنابين قبله بالإنفاق عليها حسب الحاجة من محصولها، حافظا بما تعمّده من ذلك لأصولها، وجباية ارتفاعها من مظانّها، والتماس حقوقها في أوانها، وصرفها في وجوهها التي شرطها واقفوها، وعيّن عليها أربابها وأهلوها، غير مخلّ مع ذلك بالإشراف والتطلّع، ولا مهمل للفحص والتبلّغ؛ فمن ألفاه حميد الأثر، ورضيّ العيان والخبر، عوّل عليه، وفوّض مستنيما إليه، ومن وجده قد مدّ إلى خيانة يده استبدل به وعزله، جزاء بما فعله: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً
«١» .
وأمره أن يستخلف على مانأى عنه من البلاد من جمع [إلى الوقار]«٢» الحلم، وإلى الدّراية الفهم، وإلى التيقّظ الاستبصار، وإلى الورع الاستظهار:
ممن لا يضيق بالأمور ذرعا، ولا تحدث له مراجعة الخصوم ضجرا ولا تبرّما، ولا يتمادى في أسباب الزّلّة، ولا يقصّر عن الرجوع إلى الحقّ إذا اتّضح له، ولا يكتفي بأدنى معدلة عن بلوغ أقصاها، ولا تتهافت نفسه على طاعة هواها، ولا يرجيء الأخذ بالحجة عند انكشافها، ولا يعجّل بحكم مع اعتراض الشّبهة واكتنافها، ولا يستميله إغراء، ولا يزدهيه مدح وإطراء، وأن يعهد بمثل ما عهد أمير المؤمنين إليه، ويعذر في الإجهاد بإيجاب الحجة عليه: ليبرأ من تبعة بادرة عساه يأتيها، أو مزلقة تناديه فيهبّ ملبّيا لداعيها؛ قال الله تعالى: وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ
«٣» .
وأمره أن يمضي ما أمضاه الحكّام قبله ولا يتعقّب أحكامهم بتأويل، مجتنبا