الطّمع، ولا يوردهم الإسفاف موارد الطّبع «١» ، وأن يتتبّع أمورهم ويتصفّحها، ويشارفها بنفسه ويستوضحها، عالما أنه عمّا في أيديهم مسؤول، فإنّ عذره في إهمال يتخلّله غير مقبول؛ وهو سبحانه يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً
«٢» .
وأن يوعز إليهم بالإنفاق على أربابها بالمعروف: لينتهجوا فيها جدد القصد المألوف؛ حتّى إذا بلغوا الحلم، وأونس منهم الرّشد وعلم، وساغ لهم التصرّف في نفوسهم، ووثق منهم باستدرار معايشهم، دفع إليهم أموالهم محروسة، ووفّاهم إيّاها كاملة غير منقوصة، مستظهرا بالشّهادة عليهم، والبراءة منها بتسليمها إليهم، اتّباعا لقوله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً
«٣» .
وأمره بتزويج الأيامى اللّواتي فقدن الأولياء، واعتدى عليهنّ صرف الدّهر وأساء، وأضرّ بهنّ طول الإرمال، وبدت عليهنّ آثار الخلّة «٤» في الحال، فينكحهنّ أكفاءهنّ من الرجال، ويتمّ عقد نكاحهنّ على مهور الأمثال.
وأمره بتفويض أمر الوقوف الجارية في نظره إلى من يأمنه ويختاره، وتقرن بإعلانه في ارتضائه أسراره: من أهل التّجربة والحياء، ذوي الاضطلاع والغناء؛ فإنهم أقلّ إلى المطامع تشوّفا، وأبعد في عواقب الأمور نظرا وتلطّفا؛ وأن يوسّع عليهم في الأرزاق، فيوصّلها إليهم مهنّأة عند الوجوب والاستحقاق، فبذلك يملك المرء نفسه ويستصلحها، ويتجنّب مواقف التّهم ويطرحها، وتجب عليه الحجّة إن