للفصل بينكم في القضايا الشرعية حكما من صالحي الحكّام، فرأينا أهلا لذلكم ومحلّا من اختبرت على [النّهج]«١» القويم أحواله، وارتضيت فيما نيط به من ذلك أعماله وأقواله، وشهد له الاختبار بالانكفاف عن كل سابق وغائب «٢» ، وعن ارتكاب الثّنيّات إلى السّنن اللاحب، وذلكم «فلان» أدام الله كرامته وتوفيقه، ويسّر إلى مسالك النّجاة مسلكه وطريقه، فأنفذناه إليكم حكما مرضيّ السّير، وافر الحظّ من المعارف المصوّرة للحقّ في أجمل الصّور، مكتفيا لما لديه من استقامة الأحوال عن الوصايا ما خلا التذكير والتنبيه، والوصية بتقوى الله فهي التي تعصم العامل بها وتنجيه، فقد وصّى بها الله من اختاره من خلقه لإقامة حقّه وارتضاه، فقال تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ
«٣» .
فتلقّوه- أدام الله كرامتكم- بنفوس منبسطة، وقلوب مبتهجة مغتبطة، وأهواء على التظافر والتناصر في الحق مجتمعة مرتبطة؛ وتعاونوا في ذات الله على الطاعة، وكونوا في سبيل الله يدا واحدة فيد الله مع الجماعة، واستعينوه سبحانه على الخير يعنكم، واشكروا الله يؤتكم خيرا مما أخذ منكم، وهو سبحانه يتولّاكم بالحفظ الشامل، ويستعملكم من طاعته وسلوك سبيل مرضاته بأنجى ما استعمل به عامل؛ والسلام.
ومنها ما كتب به أبو الحسن الرّعيني في ولاية قاض، وهي:
من فلان إلى الأشياخ بفلانة أدام الله كرامتهم بتقواه، واستعملهم فيما يحبّه ويرضاه.
أما بعد، فإنا كتبناه إليكم- كتب الله لكم حسناه، وأوزعكم شكر ما خوّلكم