للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقمع أعدائه، ورآك وإن أبعدتك الضّرورات عن بابه، وأناتك الحادثات عن جنابه، أنّك وزيره المكين، وخالصته القويّ الأمين، الذي لا ينزع عنه شمس وزارته، ولا يؤثر له غير سلطانه ومملكته.

ولما وجّهت إلى أعمال أمير المؤمنين بمن استصحبته راجيا من عدوّك الانتصار، قاصدا إدراك الثار، وحللت بعقوته «١» ، وخيّمت في جهته، فاتّصلت بينكم الحروب، وعزّ على كلّ منكما نيل المطلوب- أنجدك أمير المؤمنين عند علمه ببلوغ الكتاب أجله، واستيفاء الوقت المحدود مهله، بإظهار ميله إليك وميله عن ضدّك، وأنّ قصده مباين لقصد المذكور موافق لقصدك، فسبّب ذا نصرك وخذلانه، وتقويتك وإيهانه؛ ولأمير المؤمنين في حاله عناية تسعدك، ورعاية تؤيّدك.

فحين عدت إلى بابه عود الشّموس إلى مشارقها قبلك أحسن قبول، وتلقّاك بتبليغ السّول، وكشف الغطاء عمّا كان يسرّه إليك ويضمره، ويريده بك ويؤثره، وجدّد لك ما كنت تنظر فيه من الوزارة، ومباشرة ما كان مردودا إليك من السّفارة والظّهارة: لأنّك أوحد ملوك العصر كمالا، وأوسعهم في حسن التدبير مجالا، وأشرفهم شيما بديعة وخلالا، وأصلحهم آثارا وأعمالا، وأتمّهم سعادة وإقبالا، وأكثرهم تقيّة لله تعالى؛ وما زلت للمفاخر جامعا، ولراية المجد رافعا، ولذرى العلاء والسّناء فارعا، تزدان العصور بعصرك، وتتجمّل الدنيا ببقاء نهيك وأمرك، وتتعجّب الأفلاك العليّة من سعة صدرك، وتتضاءل الأقدار السامية لعظيم قدرك؛ وكم لك من منقبة تجلّ أن يكيّفها بديع الأقوال، وتعظم أن يتمنّاها بديع الأقوال «٢» ؛ فالدولة العلويّة بتدبيرك مختالة زاهية، وأركان أعدائها وأضدادها بحزمك وعزمك واهية، وسعادات من تضمّه وتشتمل عليه متضاعفة غير منقطعة

<<  <  ج: ص:  >  >>