والعجم، وشمخ علاؤه فتطامن «١» له كلّ عليّ ودان، وسمت مواطيء أقدامه فتمنّت منالها مواطيء التّيجان، وحاز بالمساعي الفضل الباهر أجمع، واستولى على بواهر الحكم بالنظر الثاقب والقلب الأصمع «٢» ، وأفرد بكمال عزّ أن تدركه الآمال، أو يكون لا شتطاطها فيه مطمع أو مجال؛ وغدا النصر المبين تابعا لعذب ألويته، وحسن إقباله في كلّ موطن كفيل بإدبار العدوّ وتوليته، وأجاب داعي الله إذ استنصر لآل بيت النبوّة واستصرخ، ولبّى دعاءه تلبية تسطّر أخبارها على ممرّ الزمان وتؤرّخ، وأجلى شياطين الضّلال وقد تبعت في زعيمها الجاحد وثنا، وصدّها بالعزم المرهف عما أصرّت عليه من منكر الإلحاد وثنى؛ وبدّلت سطاه جبابرة الطّغاة من الأوطان بعدا وسحقا، وأمتعتهم فتكاته من الأعداء الوافرة إفناء وسحقا، وأذاقتهم حملات جيوشه وبال أمر من عاضد باطلا وعاند حقّا، وجعلتهم شفار سيوفه الباترة في التّنائف «٣» حصيدا، ورمت بالإرغام والإضراع معاطسهم وخدودهم بعد أن عمروا شمّا وصيدا، وقصّد بمواضيها أشلاءهم ودماءهم فألجم غروبها وسقى، وكشف بلوامعها عن الدولة الفاطمية من معرّتهم جنحا عاتما وغسقا، وكفل أمورهم فأحسن الإيالة والكفالة، وأعادها إلى أفضل ما تقدّم لها من القوّة والفخامة والجلالة، ونظر أحوالها فقوّم كلّ معوجّ وعدّل كلّ مائل، وحباها ملبس جمال تقبح عند بهجته ملابس الخمائل.
ولمّا أباد عصب العناد، عطف على الاجتهاد في الجهاد، فجابت جحافله متقاذف الأقطار، ونالت من الفتك بالكفرة في أقصى بلادها نهاية الأوطار، وانتزعت منهم الحصون، واستباحت الممنّع المصون، حتّى أصارت جلدهم المشهور فشلا، وفيض إقدامهم المذكور وشلا «٤» ، وشمل الأمة بسيرة عرفت