مدار أحكام الدين، ومن تحتاجه من الموقّعين والدّواوين، وتأمر بإحضار القصص وعرضها، وتتأمّل دعاوي المتظلّمين في إبرامها ونقضها، وتوقع على كلّ منها بما يقتضيه الشرع وأحكامه، ويوجبه العدل ونظامه.
وانظر في مشكل القصص نظرا يزيل إشكالها، ويجعل إلى لوازم الشرع والحقّ مآلها، وراع أمر المنازعات حتّى تنتهي إلى الأواخر، ولا يبقى فيها تأمّل لمتأمّل ولا نظر لناظر؛ وتخرج أوامرك بإيصال كلّ ذي حقّ إلى حقّه، وكفّ كلّ متعدّ عن سلوك سبيل العدوان وطرقه، وليكن الضعيف أقوى الأقوياء عندك إلى أن يصل إلى حقّه موفّرا، والقويّ أضعف الضّعفاء حتى يخرج مما عليه طائعا أو مجبرا؛ والشرع والعدل فهما قسطاسا الله في أرضه، ومعينا [ن على]«١» الحق من أراد العمل بواجب الحقّ وفرضه، فخذ بهما وأعط بين العباد، وأثبت أحكامهما فيما قرب وبعد من البلاد، وساو بهما في الحقوق بين الأنام، وصرّف النصفة بحكمهما بين الخواصّ والعوام، حتّى ينتصف المشروف من الشريف، والضعيف من ذي القوّة العنيف، والمغمور من الشهير، والمأمور من الأمير، والصغير من الكبير؛ واستكثر بإغاثة عباد الله ذخائر الرّضوان، واستفتح بقيامك بحقوق الله فيهم أبواب الجنان، واعمم بسعيد نظرك وتامّ تفقّدك وملاحظاتك جميع صدور أولياء الدولة وكبرائها، ومقدّميها المطوّقين «٢» وأمرائها، وميّز بها الأعيان، ورجالها الظاهرة نجدتهم للعيان، وتوخّ الوجوه منهم بالإجلال والإكبار، وتبليغ الأغراض والأوطار، والتمييز الذي يحفظ نظام رتبهم، وينيلهم من حراسة المنازل غاية أربهم، والقهم مستبشرا كعادتك الحسنى، واجر معهم في كرم الأخلاق على مذهبك الأسنى، وعرّفهم بإقبالك على مصالح أمورهم، واتّجاهك لصالح شؤونهم، بركة اشتمالهم بفضلك، والتحافهم بظلّك، واقصد من يليهم بما يبسط