ثراه ذرى أشمخ المعالي، كان عند أمير المؤمنين الأوّل في الجلال وأنت ثانيه، والسابق في الفخار وأنت تاليه، ودلّ بفضلك على فضله دلالة الصبح على النهار، والنّماء على الإبدار، والثّمر الطيب على فضيلة الأصل والنّجار، فتبارك مولي المنن لأوليائه وحزبه القائل في محكم كتابه: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ
«١» .
وقرّر لك أمير المؤمنين استشفاف أمور المظالم، وإنصاف المظلوم من الظالم، والنظر في اسفهسلارية «٢» العساكر المؤيّدة المنصورة إيثارا من أمير المؤمنين لأن يجعل لك خير الدنيا والآخرة ميسّرا، ويثبت لك في كلّ من أمور العاجلة والآجلة حديثا حسنا وأثرا، ورتّب ذلك لك ترتيبا يصحبه التوفيق ويلزمه.
ويكمّله السعد ويتمّمه، ويحيط به اليمن والنّجاح، ويشتمل عليه الحظّ والفلاح.
فتقلّد ما قلّدك أمير المؤمنين شاكرا لأنعمه متمسّكا بأسباب ولائه وعصمه، جاريا على أحسن عاداتك في مراقبة الله وخيفته، مستمرّا على أفضل حالاتك في خشيته، متّبعا أوامره في العمل بتقواه، وزاجرا للنفس عما تؤثره وتهواه؛ يقول الله في كتابه المبين: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
«٣» .
واعلم أن المظالم «٤» كنز من كنوز الرحمة، وباب يتوصّل منه إلى مصلحة الأمّة، ووسيلة يتوسّل بها السّعداء إلى خالقهم في استبقاء ما أسبغ عليهم من النّعمة؛ فاجلس لها جلوسا عامّا ترفع فيه الحجاب، وتيسّر للوصول إليك عنده الأسباب، وتأمر بتقريب المتظلّمين وتوعز بإدنائهم لتسمع كلام الشاكين، وتوفّر على الأخذ بيد المستضعف القريع «٥» ، والحرمة التي لا تجد سبيلا للإنصاف ولا تستطيع، وتتقدّم بأن تحضر بين يديك النائب في الحكم العزيز الذي على فتياه