للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائزيّة والمملكة الصالحيّة برهانا، وجعلك لكافّة المسلمين في أقطار الأرض سلطانا، وطابق بين ما خصّك به من السّمات السنيّة، وبين ما مكّنه لك من المراتب العلية، فاتّخذك لدولته ناصرا وعضدا، وانتخبك للإسلام مجدا وسندا، وأحيا بمرافدتك أنصار الدين، وشفى بنظرك صدور المؤمنين، واستخلصك لنفسه النفيسة حميما وخليلا، وبلغ بك إلى الغاية القصوى إعلاء وتبجيلا، وشرّفك بخلع بديعة من أخصّ ملابس الخلافة تروق محاسنها كلّ النواظر، وتفوق بدائعها ما دبّجه زهر الروض الناضر، وقلّدك سيفا يؤذن بالتقليد، ويبشّر بالنصر الدائم المزيد، تتنافس في متنه وفرنده «١» الجواهر، ويستولي ناصعها على الباطن منه والظاهر، وعزّزها بالتشريفات التي اكتنفتها البهجة والبهاء، وبلّغتها في العلى إلى الغاية التي ليس بعدها انتهاء، وآثر أن تبسط يدك في التدبير، ويعدق بك ما هو عنده بالمحلّ الكبير، ويجمع لك من أشتات دولته ما لم يعرف لجمع مثله في سالف الزّمن نظير، ويسند إلى كمالك ما يعود النفع بصلاحه على المأمور من الأنام والأمير.

ففاوض أيّها السيد الأجلّ الملك الصالح والدك أدام الله قدرته، وأعلى كلمته، في ذلك مفاوضة أفضت إلى وقوع الإجماع على أنك أكمل ملوك دهرك دينا، وأصحّهم يقينا، وأشرفهم نفسا وأخلاقا، وأكرمهم أصولا وأعراقا، وأمثلهم طريقة وأحسنهم سيرة، وأنقاهم صدرا وأطهرهم سريرة، وأشفّهم جوهرا وأزكاهم ضريبة وأتقاهم لله سرّا وعلنا، وأولاهم بأن لا يصدر عنه من الأفعال إلّا جميلا حسنا؛ وأنك أفضل من عدق أمير المؤمنين بنظره أمر الدنيا والدين، وأسند إلى ملاحظته أحوال أمراء الدولة ورجالها أجمعين، وفوّض مصالح المسلمين منه إلى التّقيّ الأمين؛ وأنّ السيد الأجلّ الملك الصالح أدام الله قدرته لمّا أخلص محلّه عند أمير المؤمنين بتتابع الإشادة، وتفرّد باستمرار المضاعفة بإذن الله تعالى والزّيادة، واستولى على الأمد الأقصى في السموّ لديه والتعالي، وانخفضت عن

<<  <  ج: ص:  >  >>