التخيير والتعيير، وعن أغراضه الشريفة سفارة الإفراج والتغيير، وهذه مواتّ تجعل سماء السّماح لك دائمة الدّيم، وتسكن آمالك في حرم الكرم، وتعقد بينك وبين السعادة أوكد الذّمم، وتتقاضى لك جدود الجدّ بقدم الخدم.
وحضر بحضرة أمير المؤمنين فتاه، الذي زهي الزمان به فتاه، ووزيره، الذي عزّ به منبره وسريره، السيد الأجلّ أفضل الملوك قدرا، وأكثرهم قدرة، وأعظمهم صبرا، وأدربهم نصرة وأفيضهم جودا غمرا، وأكشفهم لغمرة، وأمضاهم على الهول صدرا، وأردّهم لكرّة، وأثبتهم جأشا وصليل السيوف يخطب والمقاتل تسمع، وأوضحهم في استحقاق المجد حجّة شرعتها الرّماح الشّرّع، وأركبهم في طاعة أمير المؤمنين لمشقه، وأشدّهم وطأة على من جحد نوره وعقّ حقّه، فالدنيا مبتسمة به عن ثغور السّرور، والملك بكفالته بين وليّ منصور وعدوّ محصور، فأسفرت سفارته عن أنك من أمثل ودائع الصّنائع وأكفاء الاستكفاء، وأعيان من يحقّق اختيارهم وفضلهم العيان، وأفاضل من هو أهل لإسداء الفواضل؛ وأن الصنيعة ثوب عرك «١» داره، وجار قد عقد بين شكرك وبينه جواره، وقرّر لك تقدمة في الحضرة لأنك فارسهم اسما وفعلا، وأوّلهم حين تتلو وحين تتلى، والنظر على المؤذّنين بالقصور الزاهرة، والمساجد الجامعة، وبالمشاهد الشريفة: لأن الأذان مقدّمة بين يدي القرآن، وأمارة على معالم الإيمان، والنظر في تقويم ما يرد إلى الخزانة العالية الخاصّة والعامّة من الملابس على اختلاف أصنافها، والأمتعة على ائتلاف أوصافها، ومشارفة خزانة الفروش ليكمل لك النظر في الكسوات التي تصان للملبوس، والكسوات التي تبتذل للجلوس، وخزن بيت المال الخاص ليكمل لك النظر في الذهب مصوغا ومرقوما، وخزنا وتقويما؛ واستصوب أمير المؤمنين ما رآه، وأمضى ما أمضاه، وخرج أمره إلى ديوان الإنشاء أن يكتب هذا السجلّ لك بذلك.