سبيل الله فما ضنّ، وكان مكان ما أمّل عند اصطفائه وفوق ما ظنّ، وسدّد قصوده، فمرقت سهامها وما مرقت عن طاعته، وأطلع سعوده، وفأنارت نجوما لأوليائه ورجوما لأهل خلاف خلافته، وأطلقت أحكام عدل الله في خلق الله أحكام مراماته وسيف إخافته؛ فالدنيا بيمن إيالته عن مآخذ السراء، وطلقاء الجود بما عملته يده من قيود الإحسان في عداد الأسراء، ورضا أمير المؤمنين عنه كافل له بأن يرضي الله في الأعداء، وملوك الأرض إن فدت السماء «١» طيّبة أنفسها له بالفداء، والدنيا متأرّجة بطيب خبره، والعلياء متبرّجة بحسن نظره، وبحار التدبير لا تفارق زبد أمواجها إلا بفاخر جوهره، وقوانين السّياسة لا توجد مسندة إلا عن اتّباع أثره، ولا حظّ لمحاربه إلا سلمه بعثاره وتثلّمه بعثيره «٢» ، فأثنى عليك بحضرته واصفا، وثنى إليك عنان عنايته عاطفا، ورأى تقليدك ولايتها معربا باستحقاقك عارفا- خرج أمير المؤمنين إليه بأن يوعز إلى ديوان الإنشاء بكتب هذا السجلّ لك بتقليدك ولاية المعونة والحسبة بمدينة مصر والجيزة والقرافة «٣» ، إنافة بك عن النّظراء، وإبانة عمّا لك من جميل الآراء، وتطرية لحظك بما حصل به من الإطراء، ورعاية لما لك من الانتهاء إلى أقصى غايات الإحسان والإجراء، وإيجابا لما تتوسل به من العناء، وذخائر الغناء والإثراء، وإشادة لقدرك الذي أشاده ما أنت عليه من الإيواء إلى ظلّ النزاهة والاستيناء «٤» .
فتقلّد ما قلّدته من هذه الخدمة، وارفل بما ضفا عليك من ملابس هذه النعمة