وبما صفا لديك من موارد هذه الجمّة «١» ، وقدّم تقوى الله أمامك، واتّبع وصيّتها التي استعمل الله بها إمامك؛ فبها النجاة مضمونة، والرحمة متيقّنة لا مظنونة، قال الله سبحانه في كتابه المكنون: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
«٢» .
واعتمد المساواة بين الناس فيما هو حكم، والنظر بالعدل في كلّ ما هو ظلم، ولا تجعل بين الغنيّ والفقير في الحق فرقا، واسلك فيهم طريقا واحدا فقد ضلّ من سلك فيهم طرقا، واشمل أهل المدينة بطمأنينة تنيم الأخيار وتوقظ الأشرار، وأمنة تساوي فيها بين ظلام الليل ونور النهار: لتكون ولايتك لهم موسما، وموردها لثغور الأمر مبسما، وأنصف المظلوم واقمع الظالم، وكن لنفسك زعيما بنجاتها فالزعيم لها غارم، وانه عما نهى الله عنه من الفحشاء والمنكر، وأمر بالمعروف وحسبك أن تعرف به وتذكر، وخذ في الحدود بالاعتراف أو الشّهادة، ولا تتعدّ حدّها بنقص ولا زيادة؛ وكما تقيمها بالبينات، فكذلك تدرؤها بالشّبهات، وفي هذه المدينة من أعيان الدولة ووجوهها، وكلّ سامي الأقدار نبيهها، وأرباب السيوف والأقلام، والمعدودين في العلماء والأعلام، والمعدّلين الذين هم مقاطع الأحكام، والتجار الذين هم عين الحلال والحرام، والرعية الذين بهم قوام العيش في الأيام، من يلزمك أن تكون لهم مكرما، ولإيالتهم محكما، ومن ظلمهم متحرّجا متأثّما، ولسانهم في الشكر عن لسانك متكلّما، وإلى قلوبهم بجميل السّيرة متحبّبا، ولمساخطهم- ما لم تسخط الله- متجنّبا.
واشدد من المستخدمين بباب الحكم في إشخاص من يتقاعد عن الحضور مع خصمه، ويتّبع حكم جهله فيخرج عن قضيّة الشرع وحكمه، وأوعز إلى أصحاب الأرباع «٣» بإطلاعك على الخفايا، وإبانة كل مستور من القضايا، وأن يتيقّظوا