لسكنات الليل وغفلات النهار، وخذهم في الليل بما التزموه من الحرس من مكايد اللّصوص والدّوّار، وأيقظهم لأن يتيقّظوا فربّما اجتنى ثمر الأمن من غرس الحذار، وإذا ظفرت بجان قد أوبقه عمله، وطمح إلى الفساد أمله، فاجمع له بين التنكيل والتوكيل، أو ذي ريبة إن زاد ريبة بالحبس الطويل، وإلا فطالع بأمره إن كان من غير هذا القبيل، وواصل التّطواف في العدد الوافر، والسّلاح الظاهر، في أرجاء المدينة وأطرافها، وعمّر بسرّك سائر أرجائها وأكنافها، وانظر في الحسبة نظر من يحتسب ما عند الله خير وأبقى ومن يرغب في الأجر ويعرض عن شعار لباس التمويه والّلبس، وامنع أن يخلو رجل بامرأة ليست بذات محرم: لتكون قد سلّمت وسلمت من شبهتي المطمع والمطعم، واستوضح آلات المعاملات وغيرها، فبها تخفّ الموازين أو ترجح يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ
«١» ، واعتمد في تهذيبها وتصويبها ما تحسن فيه للمسيء والمحسن، لأنك تكفّ أحدهما عن عمل المتهافت وعن المهوب الممعن.
وتقدّم بنفض الأذى عن جادّة الطريق، وانه أن تحمّل دابّة أكثر مما تطيق، وتفقّد الجوامع والمساجد بالتنظيف إبانة لجمالها، وصيانة من ابتذالها، ولا تمكّن أحدا أن يحضرها إلا مؤدّيا للفرض أو منتظرا أو متطوّعا، أو عالما أو متعلما أو مستمعا، فإنها أسواق الآخرة، ومنازل التّقوى العامرة؛ وأجر الأمور على عاداتها، واسترشد في طارئاتها ومشكلاتها؛ فاعلم هذا واعمل به. إن شاء الله تعالى.
وهذه نسخة سجلّ بولاية قاض بثغر الإسكندرية، من إنشاء القاضي الفاضل، من هذه الرتبة، وهي: