والمفاخر، وخصّه بشرفه من الإحسان إلى أوليائه بالإنعام إليهم في الدنيا والشفاعة لهم في اليوم الآخر، يرتاد لجلائل الخدم من يشار إليه ويومى، ويختار لتولّيها من يكون بأثقالها ناهضا وبأعبائها قؤوما، ويسند أمرها إلى من لا يتمارى في سؤدده ولا يختلف في فضله، ويعدق شؤونها بمن عدقت الرياسة به وبأسلافه من قبله، فيكون إذا شرّف بها عرف منزلتها ومحلّها، ووقع الاتفاق على التمثل بقوله:
وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها
«١» .
ولما كنت أيّها القاضي المكين من البيت الذي اشتهر قدره، وارتفع ذكره، وحلت رتبته، بأوصاف كلّ من أهله في قوله وفعله، وتردّدت رياسته، في عدد كثير لا عهد للرياسة بالتردّد في مثله، وكانت لك ولمن مضى من أسلافك آثار في الخدم خلّدت لكم مجدا يبقى، وأقرّت من الحديث به ما لا يسمو إليه النّسيان ولا يرقى؛ فكل ما تتولّونه متجمّل بكم ولا يريد معكم زيادة، وكلّ ما يعتمد فيه عليكم قد نال مطلوبه وبلغ البغية والإرادة، والذي يخرج عن نظركم يتلهّف عليكم حنينا إليكم واشتياقا، وإن ردّ إليكم لم يأل تشبّثا بكم وتمسّكا واعتلاقا؛ هذا إلى ما لكم من الحرمات المرعية، والمواتّ التي ليست بمنسية، والسيد الأجلّ الأفضل الذي حسبه من المفاخر قيامه بحق الله لمّا غفل الملوك عنه وقعدوا، واستيقاظه بمفرده حين ناموا دون استخلاصه مما عراه ورقدوا؛ وإن انتصابه آية أظهرها الله للملّة، وحسم بها في رفع منار الدّين كلّ علّة، فإذا أنفقت الأعمار في [بيان]«٢» أوصافه كانت جديرة بذلك حريّة، وإذا ذكرت آثاره في الإسلام كان العلم بكرمها لاحقا بالعلوم الضّرورية، فما ينسب المتوسّع في التقريظ له إلى تغال «٣» ، ولا تضييع وقت يقضى في اهتمام بالثناء على مناقبه واشتغال، يواصل «٤» الثناء عليك والشكر