للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك، ويتابع من ذلك ما إذا ذكر اليسير منه شرّفك وجمّلك، ويصف ما كان لأخيك القاضي المكين- رحمه الله- من الاجتهاد في المناصحات، ومن الأفعال الحسنة والأعمال الصالحات، ومن الوجاهة التي أحلّته مكانا متجاوزا غاية الآمال الطامحات، ما رفعه عن طبقات كثير من سادات الناس، وجعل حاسديه في راحة لما شملهم من دعة الياس. وإنك أيّها القاضي المكين، الأشرف الأمين، قد بلغت مداه في الجلالة، وورثت مجده لا عن كلالة، وحويت فضله وفخره، وقفوت أثره وأحييت ذكره، وحزت خلاله الجميلة وأفعاله الرضيّة، وحصّلت الفضيلتين الذاتيّة والعرضيّة، ولذلك تقرّرت نعوتك «القاضي المكين» لاستيجابك فيما تقضي به جزيل الثواب، ولتمكّن أفعالك في محل الصّواب، و «الأشرف الأمين» لشرف نفسك، وكون أمانتك في حاضر يومك على ما كانت في ماضي أمسك، و «تاج الأحكام» لأن ما يصدر منها سامي المنهاج، وقد ارتفع محلّه كما ارتفع محلّ التاج، و «جمال الحكّام» لأنك لما وليت ما ولّوا جمّلتهم إذ فعلت من الواجب فوق ما فعلوا، و «عمدة الدين» لأنّ من كان مثلك ركن إليه الدين واستند، وتوكّأ على جانبه واعتمد، و «عمدة أمير المؤمنين» لأنك ذخيرة لدولته، ونعم البقية الصالحة لمملكته.

ومعلوم أن ثغر الإسكندرية- حماه الله تعالى- الثغر الرفيع المقدار، الذي هو قرّة العين للإسلام وقذى في عيون الكفّار، ومحلّه مما تتطامن له معاقل التوحيد وحصونه، وهو مشتمل من الفقهاء والصلحاء والمرابطين وأهل الدّين على من لم يزل يحفظه ويصونه، وإليه تتناثل «١» السّفّار، وتتردّد التّجّار، وهو المقصود من الأقطار القصيّة النائية، ومن البلاد القريبة الدانية؛ وما زالت أحواله جارية بنظرك على أحسن الأوضاع وأفضلها، وأوفى القضايا وأكملها؛ وما كان استخدام غيرك فيه إلا ليظهر إشراق شمسك، وليزول الشكّ في تبريزك على جنسك، وليتبيّن

<<  <  ج: ص:  >  >>