النّفوس وصيانة الأموال، وفاوضه في أمر هذا الدّيوان فأفاض في وصفك وشكرك، وأطنب في تقريظك وإجمال ذكرك، ونبّه على الحظ في تولّيك إيّاه، وواصل من مدحك بما يتضوّع عرفه ويطيب ريّاه، وقرّر لك من تولّيه ما يصل سبب الخيرات بسببه، وميّزك بما لم يطمع أحد من كافّة متولي الدّواوين به، فلم يجعل فيه يدا مع يدك، ولا نظرا إلا لك بمفردك؛ فلا يرفع [أحد]«١» شيئا إلى غير ديوانك من حساب ما يجري في أعماله، ولا معاملة لبيت المال إلّا معك فيما يحلّ من أمواله، فأمضى أمير المؤمنين ذلك وأمر به، وخرج أمره إلى ديوان الإنشاء بكتب هذا السجلّ بتقليدك الدّيوان المرتجع المذكور: ثقة بأنك تأتي فيه على الإرادة، وتتأتّى لبلوغ الغرض وزيادة؛ فاستخر الله تعالى وباشر أموره بجدّك المعهود، وشمّر عن ساق عزمك المشهود وسعيك المحمود، واجر على رسمك في العمل بما يحفظ أوضاعه، ويزجي ارتفاعه، ويزيح علّته، ويغزر مادّته، فاعتقد مواصلة الليل والنهار في مصالحه فرضا إذا اعتقدها غيرك نفلا «٢» ، واجعل اجتهادك لاستخراج أمواله وكن عليها إلى أن يصل إلى بيت المال قفلا، واستنظف ما فيه من تقاو «٣» وباق، وافعل في تدبيره ما يجري أموره على الوفاق، واستخدم من الكتّاب من تحمده وترتضيه، ونصّهم إلى الأفعال التي تستدعي شكرك لهم وتقتضيه، ولا تسوّغ لضامن ولا عامل أن يقصّر في العمارة، واعتمد من ذلك ما يكون على كفايتك أوضح دلالة وأصحّ أمارة.
وقد أمر أمير المؤمنين أن تجري الحال على ما كانت عليه من دخول ذلك وبيعه بغير مكس في جميع الأعمال، وأزاح مع ذلك علّتك ببسط يدك وإنفاذ أمرك وإمضاء قولك، وإفرادك بالنظر من غير أن يكون لأحد من متولّي الدواوين على اختلافهم نظر معك، فتماد في حسن تدبيره على سنّتك، ولا تخرج عن مذهبك