وهذه نسخة سجلّ بولاية الأعمال القوصيّة «١» ، وهي بعد التصدير:
أما بعد فإنّ أمير المؤمنين- لموضعه من خلافة الله التي أعمره إياها، وأنار بنظره محيّاها، والإمامة التي أفرعه ذراها، وناط به عراها، وما وكله إليه من القيام، بحفظ الإسلام، الذي رضيه دينا، وألبسه بعدله تحسينا وبذبّه عنه تحصينا، وما استودعه إياه من جوامع الحكم، وعدقه بكفالته من رعاية الأمم، وعضّد به آراءه من التأييد والتوفيق، وأوجبه من فرض طاعته على كلّ مطيق- يصطفي لمعونته على النّهوض بما حمّله الله من أعباء الأمانة، والشّكر على ما اختصّه به من الوجاهة عنده والمكانة، ويستكفي فيما أمر به من إحسان الإيالة في بريّته، وينتخب لتفويض أمورهم والسّلوك بهم مسالك رأفته في سيرته، من يكون اصطفاؤه لرضا الله عنه مطابقا، واجتباؤه لشرائط المراد والاقتراح موافقا، وانتصابه للمهمّات أفضل ما بديء به وقدّم اعتماده، وإسناد الأمر الجسيم إليه أوفى ما عظم بتدبّره شأنه ورفع بنظره عماده، وإن ولّي ولاية، جعلها بمهابته حرما آمنا على أهلها من المخاوف، وغدا حسن سيرته برهانا على فضله يضطّر إلى التصديق به المؤالف والمخالف، وأعاد حميد أثره محلها ربيعا ممرعا، وقرّب حسن ثنائه من المطالب ما كان بعيدا ممتنعا، وإن ندب للجلّى، عاد مظفّر المقاصد، محفوفا بالميامن والمساعد، ساحبا ذيل الفخر، حائزا لكنوز الأجر، مستعينا بتوحيده على العدد الجمّ، والعسكر الدّهم «٢» .
وإنّ هذه الأوصاف قد أصبحت لك أيّها الأمير أسامي لم تزدك معرفة،