للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخواصّ لمهمّات إلى ملابستك إيّاها متطلّعة متشوّفة، وأفعالك الحميدة قد بنت لك بكلّ ريع «١» منارا، وجعلت لك في كل مكرمة سمات وآثارا، وجميل رأى أمير المؤمنين فيك؛ قد زاد توفيق مساعيك، وضاعف ارتقاء معاليك، وجعل الخيرة مقترنة بمقاصدك ومراميك، وسما بك إلى رتبة من الوجاهة تتذبذب دونها مطارح الهمم، وأحلّك من الثّقة بك منزلة لا تفضي إليها خواطر الظّنن والتّهم، وتحقّق من يقينك ومضاء عزيمتك، وعدل سيرتك وصفاء سريرتك، ما جعل حظّك عنده زائد النّماء، وذكرك بحضرته مكنوفا بالشكر والثّناء، ووسائلك إليه متقبّلة؛ وقد أدركت في ريّق الشباب حزامة الكهول، واستنجحت في مقاصدك بضمير من الولاء مأهول؛ ولك البيت الذي كثر فيه الأمجاد والأفاضل، وأحلّك في دعة الناس من يخافهم المباري والمناضل، وتساوت في اعتقاد تفضيلهم حالتا السّرّ والجهر، وأصلح بعزائمهم ما ظهر من الفساد في البرّ والبحر، وفتّ المطامع بفضيلة هذا النّسب وفضيلة النفس، ودلت مآثرك على ما ظهر من خصائصك دلالة الفجر على الشّمس.

ولما رآك أمير المؤمنين أهلا للعون على استيجابه لطفا لله عنده، والتماس عوائد صنعه الجميل فيمن فارق سعيه ونبذ عهده، انتضى منك حساما حاسما للأدواء، معينا في اللأواء «٢» ، طبّا بتأليف الأهواء، لا ينبو غراره «٣» ، ولا يخشى اغتراره، ولا يفلّ حدّه، ولا يؤويه غمده، فانحقنت الدّماء، وسكنت الدّهماء، وعمّ الأمن، وعظم من الله تعالى الطّول والمنّ، وأصبح مكان القول فيك ذا سعة فسيحا، ولسان الإحماد لأفعالك منطلقا فصيحا، وحصلت من الوجاهة عند أمير المؤمنين بحيث قدرك «٤» رتبة خطيرة، ولا تنأى عنك بجانبها [منزلة] «٥» رفيعة

<<  <  ج: ص:  >  >>