للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثيرة، بل غدت خواصّها فيك لاستجزال حظّها من الجمال بك راغبة، وممتنعاتها لاستكرام الأكفاء طالبة للإفضال بل خاطبة، إذا كان ما يعدم التّتمّة بك لا يعدم شعثا واختلالا، وما حظي منها بمقاربتك يتيه زهوّا بك واختيالا، فإذا أراد أمير المؤمنين أن ينظر إلى عمل من أعمال مملكته ويرفع من محلّه، ويفيض عليه من سحائب رأفته ما يكون ماحيا لآثار جدبه ومحله، ويعمّ بالبركات أقطاره، ويبلّغ كلّا من أهله مآربه من العدل وأوطاره، استند منك إلى القويّ الأمين، والكامل الذي لا يخدع الظنّ فيه ولا يمين «١» ، إذا استكفي أمرا حمى حماه بالماضيين: حسامه واعتزامه، وتمسّك في حفظ نظامه بالحسنيين: طاعة الله وطاعة إمامه.

ولما كانت مدينة قوص وأعمالها أمدى أعمال المملكة مسافة، وأبعدها من دار الخلافة، وتشتمل على كثير من أجناس الناس، وأخلاط يحتاج فيهم إلى إحسان السّياسة والإيناس، وعليه معاج المسافرين من كلّ فجّ عميق، وإليه يقصد الحجّاج إلى بيت الله العتيق، رأى أمير المؤمنين وبالله توفيقه أن يردّ ولاية الحرب بها إليك، ويعوّل في تقويم مائدها وضمّ نشرها عليك، وأن يحسم بك داءها ويحسّن بنظرك رواءها، ويعمّ أهلها بك رأفة ومنّا، فخرج أمره إلى ديوان الإنشاء بكتب هذا السجلّ بالولاية المذكورة، فتقلّد ما قلّدك أمير المؤمنين واعتمد على تقوى الله التي جعلها شرطا في الإيمان، وأمر باعتمادها في السّرّ والإعلان، فقال في كتابه المبين: وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ

«٢» .

وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، وابسط عدل أمير المؤمنين على البادين والحضّر، وأقم الحدود على من وجبت عليه بمقتضى الكتاب والسّنّة، وقم بما أمر الله به من ذلك بأنفذ عزم وأقوى منّة، وساو في الحقّ بين الضعيف والقويّ، وآس بين العدوّ والوليّ [والذميّ] «٣» والملّيّ، واجعل من تضمّه هذه الولاية ساكنين في كنف الوقاية، مشمولين بالصّون والحماية، وليكن أربهم في الصلاح في أربك،

<<  <  ج: ص:  >  >>