حائلا «١» ، وساو في الحق بين أبعدهم وأقربهم، ومقيمهم ومتغرّبهم، واعتمد منهم من تقدّم ذكره بما يرهف في الطاعة خاطره ويشحذه، ويصونه من تحيّف الأيدي الجائرة وينقذه، واخصص العلماء بكرامة تعينهم على التعليم، والأعيان بمزيّة توضّح لهم ما لهم من مزيّة التقديم، واكفف عوادي أهل الشّره والشّر، واقمع غلواء «٢» من اعتّز بغير الله واغترّ، وتوخّهم بإقامة المهابة وبسطها، وكفّ الشوكة وقطّها، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، وأقم الحدود إقامة من يثاب عليها ويؤجر، وتفقّدها على حدّها غير داخل في الأقلّ ولا خارج إلى الأكثر، وأذك العيون على من يلمّ بسواحل الثغر من أسطول العدو اللعين ومراكبه، واحجز باليقظة بينه وبين تلصيص مطالبه، وأمر أهله باتخاذ الأسلحة التي يعزّ الله بها جانبه، ويذلّ مجانبه، وتبلغ العدو اللعين من ذكرها ما يعملها وهي في أيديهم موفرّة، ويبذلها في مقاتلهم وبيوتهم بها معمّرة؛ قال الله سبحانه في آياته المتلوّة:
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
«٣» .
واعتمد للأعمال البحريّة مثل ما تقدّم شرحه من تأمين الأخيار وترويع الأشرار، وتتبّع كل مريب مستخف بالليل وسارب بالنّهار؛ ومن ظفرت به قد حارب الله في أرضه، وصار قتله من فرضه، فنفّذ حكم الله فيه في آية السيف وأمضه، وادع إلى عمارة بلادها وتخفّرها، وتفقّد المصالح بها وتكثّرها، وإطابة أنفس المزارعين بما تخفّفه عنهم من وطأة كانت ثقيلة، وتقلّله عنهم من مغارم لم تكن قليلة؛ فما عمرت البلاد بمثل النزاهة التي هي شيمتك المعتادة، والمعدلة التي هي من خلالك مستفادة، واعتمد كلّا من النائب في الحكم العزيز والناظر في الدعوة الهاديّة والمشارف بالثغر والعمّال برعاية تحفظ مراتبهم، وتلحظ مطالبهم، وتنفّذ الأحكام، وتبلغ بما ينظرون فيه من المصالح غايات التّمام، وتعزّ طائفة