وأمره أن ينعم النظر في الشّهود الذين إليهم يرجع وبهم يقطع في منافذ القضايا ومقاطع الأحكام، ويستشفّ أحوالهم استشفافا شافيا، ويتعرّف دخائلهم تعرّفا كافيا، ويسأل عن مذاهبهم وتقلّبهم في سرهم وجهرهم، والجليّ والخفيّ من أمورهم؛ فمن وجده منهم في العدالة والأمانة، والنّزاهة والصّيانة، وتحرّي الصّدق، والشهادة بالحق، على الشّيمة الحسنى، والطريقة المثلى، [أبقاه]«٢» وإلا كان بالإسقاط للشهادة أولى، وأن يطالع حضرة أمير المؤمنين بما يبدوله فيمن يعدّله أو يردّ شهادته ولا يقبله: ليكون في الأمرين على ما يحدّ له ويمثّله، ويأمن فيما هذه سبيله كلّ خلل يدخله؛ إذ كانت الشهادة أسّ الأحكام، وإليها يرجع الحكّام، والنظر فيمن يؤهّل لها أحقّ شيء بالإحكام؛ قال الله تقدّست أسماؤه:
«٣» . وقال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً
«٤» .
وأمره أن يعمل بأمثلة أمير المؤمنين له فيمن يلي أموال الأيتام والوصايا وأولي الخلل في عقولهم، والعجز عن القيام بأموالهم، حتى يجوز أمرها على ما يرضى الله ووليّه: من حياطتها وصيانتها من الأمناء عليهم، وحفظهم لها، ولفظهم لما يحرم ولا يحلّ أكله منها، فيتبوّأ عند الله بعدا ومقتا، آكل الحرام والموكل له سحتا «٥» ؛ قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي