وأمره أن يشارف أئمة المساجد والقومة عليها، والخطباء بها والمؤذّنين فيها، وسائر المتصرّفين في مصالحها، مشارفة لا يدخل معها خلل في شيء يلزم مثله: من تطهير ساحتها وأفنيتها، والاستبدال بما تبذّل من حصرها في أحيانها، وعمارتها «٢» بالمصابيح في أوقاتها، والإنذار بالصّلوات في ساعاتها، وإقامتها لأوقاتها، وتوفيتها حقّ ركوعها وسجودها، مع المحافظة على رسومها وحدودها، من غير اختراع ولا اختلاع لشيء منها: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً
«٣» .
وأمره أن يرعى دار الضّرب وعيار الذهب والفضّة بثقات يحتاطون عليهما من كل لبس، ولا يمكّنون المتصرّفين فيهما من سبب يدخل على المعاملين بهما شيئا من الوكس «٤» ؛ إذ كان بالعين والورق تتناول الرّباع «٥» ، والضّياع والمتاع، ويبتاع الرقيق، وتنعقد المناكح وتتقاضى الحقوق؛ فدخول الغش والدّخل فيما هذه سبيله جرحة للدّين، وضرر على المسلمين، يتبرّأ إلى الله منهما أمير المؤمنين.
وأمره أن يستعين على أعمال الأمصار التي لا يمكنه أن يشاهدها بأفضل وأعلم وأرشد وأعمد من تمكنه الاستعانة به على ما طوّقه أمير المؤمنين في استعماله. قال الله عزّ وجل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا